للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن زادُوا على مِثلَيهِم، جَازَ.

والهِجرَةُ واجبَةٌ على كلِّ مَنْ عَجَزَ عن إظهارِ دينهِ بمَحَلٍّ يغلِبُ فيه حُكمُ الكُفرِ، والبِدَعِ المُضِلَّةِ، فإن قَدَرَ على إظهارِ دينِهِ فمسنُونَةٌ.

(فإنْ زادُوا على مِثلَيهم، جازَ) الفرارُ. والفرارُ مع زيادةِ الكفَّارِ على مِثلَي المسلمين مع ظنِّ تلفٍ أوْلَى من الثباتِ؛ حفظًا للنفوسِ.

(والهجرةُ واجبة) الهجرةُ: الخروجُ من دارِ أهلِ الكفرِ إلى دارِ أهلِ الإسلامِ. ويُقاسُ على ذلك: الخروجُ من دارِ أهلِ البدعِ إلى دارِ أهلِ السنةِ. والأصلُ في ذلك قولُه سبحانه وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} [النِّساء: ٩٧]. الآيات. وعنه عليه السلام: "أنا بريءٌ من مسلمٍ بين مشركينَ. لا تَراءَى ناراهُما". رواه أبو داودَ، والترمذيُّ (١). أي: لا يكونُ بموضعٍ يَرى نارَهم، ويَرَوْن نارَه إذا أُوقِدَتْ (٢). ولا تجبُ الهجرةُ من بينِ أهلِ المعاصي.

(على كلِّ مَنْ عَجَزَ عن إظهارِ دينِه بمَحَلٍّ يغلبُ فيه حُكْمُ الكفرِ، و) حُكْمُ (البدعِ المُضِلَّةِ) كاعتزالٍ، وتشيُّعٍ

(فإنْ قَدرَ على إظهارِ دينهِ) بنحوِ دارِ كفرٍ، ليتخلَّصَ من تكثيرِ الكفَّارِ، ويتمكَّنَ من جهادِهم (فمسنونةٌ) أي: الهجرةُ لقادرٍ.

وعُلِمَ ممَّا تقدَّمَ: بقاءُ حُكمِ الهجرةِ؛ لحديثِ: "لا تنقطعُ الهجرةُ حتى تنقطعَ


(١) أخرجه أبو داودَ (٢٦٤٥)، والترمذيُّ (١٦٠٤) من حديث جرير بن عبد الله. وصححه الألباني.
(٢) "الشرح الكبير" (١٠/ ٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>