ومن كَفَلَه اثنانِ، فسلَّمَهُ أحدُهُما، لم يَبَرأ الأخَرُ، وإن سَلَّم نفسَهُ، بَرِئَا.
كلامِهم: أنَّه في رجوعِه عليه كضامنٍ، وأنَّه لا يُسلِّمه للمكفولِ له، ثئَم يستردُّ ما أدَّاه، بخلافِ مغصوبٍ تعذَّرَ إحضارُه مع بقائِه، لامتناعِ بيعِه.
"فرعٌ": السَّجَّانُ كالكفيلِ، فيغرَمُ إنْ هربَ منه المحبوسُ، وعَجزَ عن إحضارِه. قال العلَّامةُ ابنُ نصرِ اللهِ: الأظهرُ: أنَّه كالوكيلِ في حفظِ الغريمِ. وقدْ كنتُ أَفتي بما ذكرَهُ المصنِّفُ -أعني به صاحبَ "الفروع" -ثمَّ ترجحَ عندي أنَّه كالوكيلِ بجُعلٍ. وكذا رسولُ الشرعِ ونحوُه، فإنْ هربَ غريمٌ من رسولِ الشرعِ، وكان بتفريطِ الرسولِ، لزِمَه إحضارُه دونَ ضمانِ ما عليه، وإنْ لم يكنْ منه تفريطٌ، فلا ضمانَ عليه، قياسًا على مَنْ أتلَفَ وثيقةً ضمِنَ فيها إنْ تعذَّرَ
(ومَن) أي: ومَن مَدينٌ (كفَلَهُ اثنانِ) معًا، أو لا (فسلَّمَه أحدُهما) أي: أحدُ الكفيلينِ لربِّ الدَّيْنِ (لم يبرأْ) الكفيلُ (الآخرُ) بذلك؛ لأنَّ إحدى الوثيقتينِ انحلَّتْ من غيرِ استيفاءٍ، فلم تنحلَّ الأخرى، كما لو أبرأَ أحدَهما. (وإنْ سلَّمَ) مكفولٌ (نفسَه، برِئَا) أي: الكفيلانِ؛ لأداءِ الأصلِ ما عليهما، فيبرأنِ ببراءته.
"تتمَّةٌ": لو كفلَ جُزءًا شائعًا، كثُلُثِ أو رُبعِ مَن عَلَيه الحقُّ، أو كَفَلَ عضوًا منه ظاهِرًا كراسٍ ويدٍ، أو باطِنًا كقَلب وكبدٍ، صحَّتْ الكفالةُ، ويلزمُه إحضارُه؛ لأنَّه لا يمكنُ إحضارُه إلا بإحضارِ الكلِّ. والله أعلم.