للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غَسلُ الوجه، ومنه المضمضةُ والاستنشاقُ، وغَسل اليدين مع المِرفقين، ومسحُ الرأس كلِّه،

أحدُها: (غسلُ الوجهِ) لقولِه تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦]. (ومنه) أي: من الوجهِ (المضمضةُ والاستنشاقُ) للفمِ والأنفِ؛ لدخولِهما في حدِّه، وكونِهما في حكمِ الظاهرِ؛ بدليلِ غسلِهما من النجاسةِ، وفِطرِ الصائمِ بعَودِ القيءِ بعدَ وصولِ شيءٍ إليهما.

(و) الثاني: (غَسلُ اليدين معَ المِرفَقين) لقولِه تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: ٦]. وكلمةُ "إلى" تستعملُ بمعنى "مع" كقولِه تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} [النساء: ٢].

فيجبُ إدخالُ المرفقين في الغَسلِ. والمرفق - بكسر الميم وفتح الفاء، وعكسه - سُمِّيَ به لأنَّه يُرتَفَقُ به في الإتِّكاءِ عليه. وقد روى الدارقطنيُّ (١) عن جابرٍ قال: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا توضَّأَ، أدارَ الماءَ على مرْفقيه.

(و) الثالثُ: (مسحُ الرأسِ كلِّه) لقولِه تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: ٦] والباءُ فيه للإلصاقِ، فكأنَّه قال: امسحوا رؤوسَكم. قال ابنُ بَرهان: من زعمَ أن الباءَ للتبعيضِ، فقد جاءَ أهلَ (٢) اللغةِ بما لا يعرفونه. ولأنَّ الذين وصفوا وضوءَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ذكروا أنَّه مسحَ رأسَه كلَّه. وما رُوي أنَّه عليه السلام مسحَ مقدَّمَ رأسِه، فمحمولٌ على أن ذلك مع العمامة، كما جاء مفسَّرًا في حديثِ المغيرةِ بنِ


(١) أخرجه الدارقطني (١/ ٨٣)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع".
(٢) في الأصل: "عن".

<<  <  ج: ص:  >  >>