للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومَنْ أُمِرَ بدَفعِ شَيءٍ إلى مُعيَّنٍ ليصنَعَهُ، فدَفَعَ ونَسِيَهُ، لم يَضْمَن، وإنْ أطلَقَ المَالِكُ، فدَفَعه إلى مَنْ لا يعرِفُه، ضَمِنَ.

والوَكِيلُ أمينٌ، لا يَضمَنُ ما تَلِفَ بيدِه بلا تَفرِيطٍ، ويُصدَّقُ بيَمينِه في التَّلَفِ، وأنَّه لم يُفرِّط،

تمليكِه لزيدٍ دونَ غيرِه، إلا إنْ عَلِمَ الوكيلُ، ولو بقرينةٍ، أنَّه لا غرضَ له في عينِ زيدٍ. ذكره الموفَّقُ والشارح (١).

(ومَن أُمرَ بدفعِ شيءٍ) كثوبٍ أمرَهُ مالكُه بدفعِه (إلى) نحوِ قصَّارٍ، أو صبَّاغٍ (معيَّنٍ؛ ليصنعَه، فدفعَ) المأمورُ الشيءَ إلى مَنْ أُمرَ بدفعِه له، (ونسيَه) فضاعَ (لم يضمنْ) لأنَّه لم يتعدَّ، ولم يفرِّطْ، بلْ فعلَ ما أُمِرَ به

(وإنْ أطلقَ المالكُ) بأنْ قال مثلًا: ادفعْه إلى مْن يَقصُرُهُ، أو يصبَغُه (فدفعَه إلى مْن لا يعرفُه) أي: يعرفُ عينَه، ولا يعرفُ اسمَه، ولا دكَّانَه (ضَمِنَ) لتفريطِه. وأطلقَ أبو الخطابِ: إذا دفعَه إليه، لم يضمنْ إذا اشتبَه عليه (٢).

(والوكيلُ أمينٌ، لا يضمنُ ما تلِفَ بيدِه) مِن ثمنٍ أو مثمنٍ، أو غيرِهما، إذا كانَ (بلا تفريطٍ) ولا تعدٍّ؛ لأنَّه نائبُ المالكِ في اليدِ والتصرُّفِ، فالهلاكُ في يدِه، كالهلاكِ في يدِ المالكِ، كالمودعِ والوصيِّ ونحوِه، وسواءٌ كان متبرِّعًا، أو بجُعْلٍ، فإنْ فرَّطَ، أو تعدَّى، ضمِنَ (ويُصدَّقُ) وكيلٌ (بيمينِه في) دعوى (التلفِ، و) يُصدَّقُ بيمينِه (أنَّه لمْ يُفرِّطْ) لأنَّه أمينٌ، ولا يُكلَّفُ بينةً؛ لأنَّه ممَّا يتعذَّرُ إقامةُ البينةِ عليه، ولئلا يمتنعَ الناسُ من الدخولِ في الأماناتِ مع الحاجةِ إليها.


(١) "دقائق أولي النهى" (٣/ ٥٢٩).
(٢) "دقائق أولي النهى" (٣/ ٥٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>