وجه الدلالة:
نصت هذه الآية نصًّا صريحًا على عدم إرجاع المؤمنات المهاجرات إلى الكفار، وحرَّمَتْ بقاء المؤمناتِ زوجاتٍ للكافر، وأمرتْ كلَّ مؤمن يتزوج كافرة أن يفارقها، بقوله تعالى في الآية: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: ١٠].
قال ابن العربي -في قوله تعالى: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: ١٠]-: "بَيَّنَ أن العلة عدم الحل بالإسلام، وليس اختلاف الدارين" (١) والذي أوجب فُرْقَةَ المسلمة من زوجها هو إسلامها.
يقول الشوكاني: "إن عبارة: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: ١٠] تعليل للنهي عن إرجاعهن، وفيه دليل على أن المؤمنة لا تحل لكافر، وأن إسلام المرأة يوجب فرقتها من زوجها لا مجرد هجرتها، والتكرير لتأكيد الحرمة، أو الأول لبيان زوال النكاح، والثاني لامتناع النكاج الجديد" (٢).
٢ - قوله تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠].
قال ابن كثير -رحمه الله-: "قوله تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠] تحريم من الله -عز وجل-، على عباده المؤمنين نكاحَ المشركات، والاستمرارَ معهن" (٣).
وقال ابن العربي -في قوله تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠]-: "هذا
بيان لامتناع نكاح المشركة من جملة الكوافر، وهو تفسيره والمراد به. قال أهل التفسير: أَمَرَ الله تعالى كلَّ مَنْ كان له زوجة مشركة أن يُطَلِّقَهَا، وقد كان الكفار يتزوَّجون المسلمات، والمسلمون يتزوَّجون المشركات، ثم نَسَخَ الله ذلك في هذه الآية وغيرها،
(١) أحكام القرآن، لابن العربي، (٤/ ٢٣٠).
(٢) فتح القدير، للشوكاني، (٥/ ٢٨٦).
(٣) تفسير ابن كثير، (٨/ ٩٤).