للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإقامة الشرط مقام العلة عند تعذر اعتبار العلة جائز، فنزل انقضاء ثلاث حيضات مقام تفريق القاضي (١).

على أن الحنفية لا يعتبرونها عدة، وإنما سببًا أو شرطًا لوقوع الفُرْقَةِ.

وأما المسألة الثالثة: وهي اعتبار اختلاف الدار موجبًا لوقوع الفُرْقَةِ في حال كون الزوجين من أهل دار الحرب، فَيُسلم أحدهما، ثم يخرج إلى دار الإسلام، فهنا تقع الفرقة، لاختلاف الدار (٢).

وقد وَرَدَ ما يفيد هذا الاعتبار عند المالكية أيضًا (٣).

ومعنى اختلاف الدارين الذي تتحقق به الفُرْقَةُ عند الحنفية ومن معهم هو أن يكون أحد الزوجين من أهل دار الإسلام حقيقةً أو حكمًا، بالإسلام أو الذمة، والآخر من أهل دار الكفر -أي: كافرًا حربيًّا- كأن يُسلم أحد الزوجين في دار الكفر، ثم يهاجر إلى دار الإسلام، أو يخرج أحد الزوجين من دار الكفر إلى دار الإسلام، ذميًّا، أو مستأمنًا، ثم يُسلم أو يعقد عقد الذمة، أو يخرج المسلم من دار الإسلام إلى دار الكفر مرتدًّا عن دينه، أو يخرج الذمي من دار الإسلام إلى دار الكفر ناقضًا للعهد، ففي جميع هذه الأحوال تجب الفرقة بين الزوجين؛ لتباين الدارين بينهما.

أما إذا كان الزوجان مسلمين، فخرج أحدهما إلى دار الكفر بأمان أو بغيره، فلا تقع الفُرْقَةُ؛ لأنهما من أهل دار واحدة، وإن كان أحدهما مقيمًا في دار الكفر، والآخر في دار الإسلام، فاختلاف الدار لا أثر له بالنسبة للزوجين المسلمين (٤).


(١) بدائع الصنائع، للكاساني، (٢/ ٣٣٨)، فتح القدير، لابن الهمام، (٣/ ٤٢٢).
(٢) أحكام القرآن، للجصاص، (٥/ ٣٣٠)، شرح معاني الآثار، للطحاوي، (٣/ ٢٥٩).
(٣) أحكام القرآن، لابن العربي، (٤/ ٢٣٠)، تفسير القرطبي، (١٨/ ٦٣ - ٦٤).
(٤) المبسوط، للسرخسي، (٥/ ٥١)، تبيين الحقائق، للزيلعي، (٢/ ١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>