للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدلة القول الثاني:

أما ما يتعلق بالمسألة الأولى، فبعد اتفاق الحنفية مع الجمهور في إبطال النكاح، وإيجاب الفُرْقة، واستدلالهم لذلك بأدلتهم، استدلوا الاشتراط القاضي بأدلة، منها:

١ - قضاء عمر بالفُرْقَةِ: حيث كان رجل من بني تغلب نصراني، تحته امرأة نصرانية فأسلمَتْ فَرُفِعَتْ إلى عمرَ، فقال له: إن أسلمتَ وإلَّا فرَّقْتُ بينكما، فقال له: لم أَدَعْ هذا إلا استحياءً من العرب أن يقولوا: إنه أسلم على بُضْعِ امرأة، قال: ففرَّقَ عمر بينهما (١).

وجه الدلالة:

لو أن الفُرْقَةَ تقع بمجرد الإسلام لم يكن للتفريق الصادر عن عمر -رضي الله عنه- معنًى، وقد وقع بمحضر الصحابة فكان إجماعًا (٢).

٢ - القياس والمعقول من وجهين:

أ - لا يجوز أن يكون مجرد الإسلام مبطلًا للنكاح؛ لأن الإسلام إنما عرف عاصمًا للأملاك، فكيف يكون مبطلًا لها، وإذا كان قد صحح ابتداءً عقد النكاح بين كافر وكافرة فالإبقاء عليه عند إسلام أحدهما أسهل وأولى (٣).

ب - إن إضافة انقطاع النكاح للإسلام لا نظير له في الشرع، ولا أصل يلحق به قياسًا بجامع صحيح معتبر، ولا يوجد نقلٌ سمعي يفيده، فكان مضافًا إلى قضاء القاضي (٤).

وأما في حالة أن يكون الزوجان من أهل دار الحرب، وعدم وجدان القاضي أو ولي الأمر، وهي المسألة الثانية في مذهبهم فيقام شرط البينونة في الطلاق الرجعي مقام القاضي،


(١) مصنف ابن أبي شيبة، (٥/ ٩٠ - ٩١)، الحجة على أهل المدينة، لمحمد بن الحسن الشيباني، تحقيق: مهدي حسن الكيلاني القادري، دار عالم الكتب، بيروت، (٤/ ٦ - ٧)، التاريخ الكبير، للبخاري، (٤/ ٢١٢).
(٢) بدائع الصنائع، للكاساني، (٢/ ٣٣٧).
(٣) المرجع السابق، (٢/ ٣٣٧).
(٤) فتح القدير، لابن الهمام، (٣/ ٤١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>