زوجها أبي العاص بن الربيع، وهي مسلمة وهو يومئذ كافر، هاتان القصتان دلَّتا أنه بعد الهجرة استمرَّ العمل على أن اختلاف الدين لم يكن يفرِّقُ بين المرأة وزوجها، وأنه لم تأتِ الشريعة بما يضادُّ ذلك قبل آية الممتحنة.
ثالثًا: الأدلة الأصولية:
شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يَرِدْ في شرعنا ما ينسخه، واختلاف الدين لم يوجب على نوح ولوط مفارقة زوجتيهما الكافرتين، ولم يوجب على آسية مفارقة زوجها فرعون.
رابعًا: المعقول:
١ - إن أنكحة الكفار فيما بينهم صحيحة، ولا تبطل إذا أسلم الزوجان، إلا إذا كانت المرأة لا تحل لزوجها حسب أحكامنا الشرعية، ولا يؤمر الزوجان بتجديد النكاح.
وهذا ما جرى عليه العمل بين المسلمين قبل الهجرة، فهو دليل على أن تغيير الدين لم يكن مؤثِّرًا في صحة عقد النكاح السابق.
٢ - إن التفريق بمجرده لا يحقق مصلحة، بل هو مفسدة، ولا يناسب التبشير بدين الإسلام، وقد قال ابن القيم -رحمه الله-: "إن المرأة إذا علمت، أو الزوج أنه بمجرد إسلامه يزول النكاح، ويفارق من يحبُّ، ولم يَبْقَ له عليها سبيلٌ إلا برضاها ورضا وليها ومهر جديد، نَفَرَ عن الدخول في الإسلام، بخلاف ما إذا علم كل منهما أنه متى أسلم فالنكاح بحاله، ولا فراق بينهما إلَّا أن يختار هو المفارقة، كان في ذلك من الترغيب في الإسلام ومحبته ما هو أدعى إلى الدخول فيه"(١).