معذورةٌ؛ لأنها كانت من المستضعَفات بمكة، وأن زينب كانت مفارِقة لزوجها.
بينما نجد أن كثيرًا من الروايات الصحيحة، تؤكد أن العمل بعد الهجرة -وخاصة بعد نزول آيتي البقرة والممتحنة - على أن اختلاف الدِّينِ يُفَرِّقُ بين المرأة وزوجها، وحسبنا من هذه الروايات ما ثبت عن ابن عباس:"كان المشركون على منزلتين من النبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين، كانوا مشركينَ أهلَ حربٍ يقاتِلُهم ويقاتلونه، فكان إذا هاجرت امرأة من أهل الحرب لم تُخْطَبْ حتى تحيضَ وتطهرَ، فإذا طهرتْ حَلَّ لها النكاح، فإنْ هاجَرَ زوجُهَا قبل أن تنكح رُدَّتْ إليه"(١).
الدليل الرابع: من الأدلة الأصولية:
قولهم شرعُ مَنْ قَبْلَنَا شرعٌ لنا ما لم يَرِدْ في شرعنا ما يَنسخُهُ، مردود بثبوت الناسخ، وهوَ آيةُ سورةِ البقرةِ: وما دام أن النسخ صحَّ بهذه الآية الواضحة القاطعة، ثم أجمع عليه المسلمون بعد ذلك فقدْ سقط الاستدلال بقصة امرأتي نوح ولوط وآسية زوجة فرعون، مع الإشارة إلى أن زوجة فرعون كانت مكرَهة، وبالتالي فإن اعتبارَ الإكراهِ حالةٌ تبيحُ للزوجة المسلمة أن تظلَّ مع زوجها الكافر هي حالةٌ موجودةٌ عندنا لدى النساء المستضعَفات بمكة، وقد عَذَرَهُنَّ الله تعالى.
الدليل الخامس: من المعقول:
القول بأن أنكحة الكفار فيما بينهم صحيحة بإطلاق طالما هم على الكفر -مسلَّم، لكنها ليست صحيحة إذا أسلم الزوجان أو أحدهما، بل هي أنواع:
(١) أخرجه: البخاري، كتاب الجنائز، باب: إذا أسلم الصبي فمات، هل يصلى عليه؟، (١٣٥٧)، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- موقوفًا، فقه الإمام البخاري، د. محمد أبو فارس، دار الفرقان، عمان، (٢/ ٥٧٧).