للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يؤذيها بدنيًّا بما لا تحتمله، ولا يليق بأمثالها، كما هو معروف عند المالكية (١).

وبالجملة فإن هناك أسبابًا كثيرة تَحْمِلُ على التفريق القضائي تندرج جميعًا تحت اسم "الضرر"، وقد نهى الله تعالى الأزواج عن مضارة الزوجات، فقال سبحانه: {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} [البقرة: ٢٣١]، كما قررت السنة أن "لا ضرر ولا ضرار" (٢).

وبناءً على ما تقدم فإن المرأة إذا لم تجد مع زوجها حلًّا لمشكلات مزمنة، ولم تفلح محاولات الصلح، أو إذا كان الزوج مستبدًّا بالضرر والإضرار بها؛ فإن لها أن ترفع أمرها بطلب إلى القاضي في بلاد الإسلام فينظر في قضيتها، بما يرفع الظلم عنها.

ولكن كيف يكون الأمر إذا كانت تعيش في بلاد الأقليات، حيث تُفْقَدُ الرايةُ الإسلامية، وتغيب الأحكام الشرعية، وتحل محلها القوانين الوضعية؟

وهل إذا توجهت إلى القضاء غير المسلم لا تكون آثمة، باحتكامها إلى غير شريعة دينها، وبالتقاضي أمام غير مسلم، وبالاختصام إلى قوانين لا صلة لها بدينها؟

وإذا قضى القاضي غير المسلم بطلاقِهَا، أو فَسْخِ نكاحِهَا، هل يُعْتَدُّ -والحال هذه- بحكمه؟ وهل يلزمها -كما يلزم غيرها- ديانًة، فتحل للأزواج بعد صدور هذا الحكم مباشرة، كما لو كانت في بلاد إسلام، وديار إيمان؟

وماذا لو تعارض الحكم الشرعي والقانون الوضعي في هذا الأمر المهم من العلاقات بين الرجل والمرأة؟

ولقد أتى الفقهاء جميعًا على ذكر شرط الإسلام فيمن يتولى القضاء:

ذلك أن الله -عز وجل- يقول: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: ١٤١].


(١) المدونة الكبرى، رواية سحنون بن سعيد، (٢/ ٢٦٧).
(٢) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>