للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القرطبي -في معنى (السبيل) في هذه الآية-: "أي حجة عقلية ولا شرعية يستظهرون بها على المسلمين إلا أبطلها الله وَدُحِضَتْ" (١).

فالقضاء مبناه على أداء الشهادة على المسلم، وقد منعها الله سبحانه وتعالى من الكافر على المسلم، والقضاء والشهادة ولاية، فإذا كان الكافر لا يملك أدنى الولايات على المسلم -وهي أداء الشهادة- فلا يكون له أعلاها وهي القضاء (٢).

قال الماوردي: "ولا يجوز أن يُقَلَّدَ القضاء إلَّا من تكاملت فيه شروطه التي يصحُّ معها تقليده وينفذ بها حكمه، وهي سبعة. . . الرابع: الإسلام؛ لكونه شرطًا في جواز الشهادة، مع قوله تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: ١٤١] " (٣).

إن الحال في بلاد الغرب جِدُّ مختلفٍ عنه في بلاد الشرق المسلم، ولا سيما في هذا الشأن الخاص بالأسرة وأمن المجتمعات.

وكما أن المرأة قد تتضرر من هذا الوضع، فإن الرجل قد يتضرر بما هو مثل ذلك وأشد، والسبب أن صدور حكم بالطلاق من ذلك القضاء يعني -غالبًا-: اقتسام ثروته مع مطلقته، والتكليف بالإنفاق عليها مدةَ حياتِهَا، ورعايتها مع الأبناء بشكل مجحف ومكلِّف، لدرجة قد تدفع الرجل إلى قبول الضيم في شرفه، بدلًا من طلاق زوجته؛ لئلا يغرم ما لا يقدر عليه! أو يتحمل من النفقات ما لا طاقة له به!

ومن عجبٍ أن عددًا ممن خلبتهم الشقراء الحسناء فأقبلوا عليها بالزواج دفعوا أموالهم ودين أولادهم ثمنًا لهذا الزواج الذي آل يومًا من الأيام إلى الفراق! وتبعته التبعات والحسرات!

وفيما يلي بعض صور من هذه النازلة:


(١) تفسير القرطبي، (٥/ ٤٢٠).
(٢) بدائع الصنائع، للكاساني، (٧/ ٣)، المغني، لابن قدامة، (١٤/ ١٢، ١٤).
(٣) الأحكام السلطانية، للماوردي، (ص ٨٨ - ٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>