للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلم في البلدان غير الإسلامية، فإن المراكز الإسلامية تقوم مقام القاضي المسلم؛ إذ لا سبيل إلى تحكيم شرع الله في البلدان غير الإسلامية في أحكام الطلاق والنكاح والإرث ونحوها مما لا يستطيعه المسلمون إلا بذلك.

قال ابن قدامة -رحمه الله-: "القضاء من فروض الكفايات؛ لأن أمر الناس لا يستقيم بدونه فكان واجبًا عليهم كالجهاد والإمامة. قال أحمد: لا بد للناس من حاكم، أتذهبُ حقوق الناس؟ " (١).

ثم أردف القرار تتميمًا:

"اللجوء إلى القضاء الوضعي لإنهاء الزواج من الناحية القانونية لا يترتب عليه وحده إنهاء الزواج من الناحية الشرعية، إلا إذا صدر الطلاق من الزوج، أو من المحكَّم من قِبَلِ المركز الإسلامي أو الجالية الإسلامية" (٢).

وذلك بناءً على أن الأصل في المسلم ألا يتحاكم لغير شرع الله تعالى؛ لقوله تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: ٥٠] ولذلك فلا يُعْتَدُّ بالطلاق إلا إذا كان صادرًا من الزوج؛ لأنه الذي أخذ بالساق، وفي الحديث النبوي: "إنما الطلاق لمن أخذ بالساق" (٣)، أو من حاكم شرعي، وهو هنا المركز الإسلامي، كما تقدم، وأما القضاء الوضعي فحكمه لا يعتدُّ به شرعًا؛ ولذلك فتطليق القاضي الوضعي ليس بنافذ، وتظل المرأة شرعًا في عصمة زوجها حتى يصدر الطلاق منه، أو من حاكم شرعي، وإنما يباح اللجوء إلى القضاء الوضعي لمجرد الحصول على وثائق رسمية لتسهيل المعاملات المباحة، ولتسهيل الحصول على الحقوق الشرعية،


(١) المغني، لابن قدامة، (١٤/ ٥ - ٦).
(٢) قرارات وتوصيات المؤتمر الثاني للمجمع، (ص ٧٤ - ٧٦).
(٣) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>