للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شوكة ومنعة فقد وجب على الإمام قتالهم (١).

وقال الصديق مقالته المشهورة: "والله لأقاتلنَّ من فرَّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عَناقًا كانوا يؤدونها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعها" (٢).

رابعًا: المعقول:

١ - قضية الثبات في الأحكام ترتبط بقضية الإيمان بأسماء الله وصفاته من العلم والحكمة وغيرها، فأحكامه تعالى صادرة عن صفاته الكاملة وأسمائه الحسنى، فهو أعلم بخلقه وما يصلحهم وما يفسدهم، وإذا كانت الفطرة البشرية ثابتة لا تتغير فما يصلحهم كذلك.

{فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: ٣٠].

٢ - القول بعدم ثبات الشريعة يفضي إلى القول بعدم صلاحيتها للزمان والمكان، ولو قيل بعدم ثبات أحكام الشرع لبطلت لوازم نبوته - صلى الله عليه وسلم - في الزمان والمكان الآتي بعده، وهذا كفر، فصح أن حكمه - صلى الله عليه وسلم - في زمانه حكم باقٍ في كل زمان أبدَ الأبدِ (٣).

وعليه فالشريعة الإسلامية ثابتة، تستعصي على التحريف والتبديل، وتتأبى على التطويع والتعطيل، ومن رامها بشيء من ذلك رمته بالكفر والتضليل.

ولقد حاول كثير من دعاة العصرانية أن ينفذوا إلى غرضهم في تبديل الشريعة وتذويب أحكامها وتطويع مبادئها للأهواء، وذلك من خلال ما اشتهر في كتب أهل العلم من تغير الأحكام بتغير الأزمان، ولا يمكنهم ذلك؛ لأن ما عناه العلماء بهذه المقولة شيء وما أرادوه شيء مختلف تمام الاختلاف، فتغير الأحكام بتغير الأزمان ليس فيه تبديل


(١) المستصفى، للغزالي، (ص ٢٨٦)، أصول السرخسي، (٢/ ٦٠)، الإحكام، لأبي محمد، علي بن أحمد بن حزم الأندلسي، دار الآفاق الجديدة، بيروت، (٥/ ٥٩).
(٢) أخرجه: البخاري، كتاب الزكاة، باب: وجوب الزكاة، (١٣٩٩، ١٤٠٠)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب: الأمر بقتال الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله محمد رسول الله ويقيموا الصلاة و. . .، (٢٠)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٣) الإحكام، لابن حزم، (٥/ ٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>