الوقاية من الانزلاق، وأحد سبل الحماية من تلاعب المغرضين بشريعة رب العالمين.
وما استدل به على منع تغير الأحكام صحيح لا مرية فيه، ولكنه ينصرف إلى أمر آخر مغاير، حيث يستدل به على منع استبدال أحكام الشريعة بأحكام ليست منها، والتغيير في الشرع بالزيادة أو النقصان، وعلى ثبات الشريعة وعدم قبولها لرفع شيء من أحكامها أو تعطيله أو استبداله بما لم يشرعه الله تبارك وتعالى ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
أما تغير الأحكام الذي عناه العلماء أمثال: الشاطبي والقرافي وابن القيم وغيرهم فليس استبدالًا لأحكام الشريعة بغيرها، ولكنه استبدال الحكم الشرعي بحكم شرعي آخر، فقد يكون الحكم هو المشروعية فينتقل إلى المنع أو العكس على اختلاف درجات المشروعية والمنع لا على سبيل النسخ والرفع والإزالة، وإنما على سبيل الانتقال والتحول، وليس في جميع الأحكام، وإنما في الأحكام الدائرة على المصالح أو العوائد والأعراف أو العلل المتغيرة.
وتقسيم بعض العلماء أحكام الشريعة إلى ثوابت ومتغيرات لا يعني انقسامها إلى أحكام ثابتة لا تقبل الاستبدال وأخرى متغيرة تقبل الاستبدال بأحكام ليست من دين الله ولا من شريعة الإسلام، وإنما المقصود هو أن في الشريعة الإسلامية أحكامًا ثابتة بنصوص الكتاب والسنة، لا تقبل التغير لثبات المصالح التي شرعت لتحصيلها، أو لكونها من الأسس التي لا تتبدل بتبدل الأزمان أو الأعراف أو العادات فهذه الأحكام لا يصح المساس بها مهما تغيرت الأزمان وتبدلت الأحوال.
كما أن في الشريعة الإسلامية أحكامًا بنيت على المصلحة التي يمكن أن تتغير بتغير الأزمان والأحوال والأعراف، فمثل هذه الأحكام موارد اجتهاد، تختلف فيها الأنظار بحسب اجتهاد المجتهدين في التماس المصلحة، وقد يتغير النظر فيها من وقت لآخر إذا تغيرت المصالح وأعراف الناس وعاداتهم، فهي تتغير لأجل ذلك، والمقصود بتغيرها أمران: