للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثل هذا وقع حين سُئل النبي - صلى الله عليه وسلم - "أيُّ الأعمالِ أفْضلُ؟ " (١). فتنوعت الإجابة لتنوع حال السائلين.

كما كان من هديه - صلى الله عليه وسلم - أن علَّم الصحابة أن الأحكام الشرعية تدور مع عللها، فقال - صلى الله عليه وسلم - يعلل لهم نهيه عن ادخار لحوم الأضاحي بعد ثلاث: "إِنَّما نهَيتُكم مِن أجْلِ الدَّافَّةِ التي دَفَّتْ فكلُوا وادَّخروا وتصدَّقوا" (٢).

وكان أيضًا من هديه - صلى الله عليه وسلم - النظر في مآلات الأفعال ونتائج التصرفات، وقد قال لعائشة -رضي الله عنها-: "ولولا أنَّ قومكِ حديثٌ عهدهم بِالجاهليةِ فأخافُ أنْ تُنكِرَ قلُوبُهم أنْ أُدخِلَ الجَدْرَ فِي البيتِ وأنْ أُلصِقَ بابهُ بِالأَرض" (٣).

وقد نهى - صلى الله عليه وسلم - عن قتل المنافقين خشية أن يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه (٤).

هذا هو الاحتياط الأول الذي يغلق الباب أمام المغرضين المتربصين بشريعة الإسلام، أما الاحتياط الثاني فهو أنهم وضعوا ضوابط لتغير الفُتيا، وهو ما سيتناول في مباحث تأتي إن شاء الله تعالى.


(١) انظر -مثلًا-: "صحيح البخاري"، كتاب الحج، باب: فضل الحج المبرور، (١٥١٩)، وكتاب التوحيد، باب: وسمى النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة عملًا، (٧٥٣٤)، و"صحيح مسلم": كتاب الإيمان، باب: بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال، (٨٣، ٨٥).
(٢) أخرجه: مسلم، كتاب الأضاحي، باب: بيان ما كان النهي عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث في الأول الإسلام و. . .، (١٩٧١)، من حديث عائشة -رضي الله عنها-.
(٣) أخرجه: البخاري، كتاب الحج، باب: فضل مكة وبنيانها، (١٥٨٤)، ومسلم، كتاب الحج، باب: جدر الكعبة وبابها، (١٣٣٣)، من حديث الأسود بن يزيد عن عائشة -رضي الله عنها- به.
(٤) أخرجه: البخاري، كتاب المناقب، باب: ما ينهى من دعوة الجاهلية، (٣٥١٨)، ومسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب: نصر الأخ ظالمًا أو مظلومًا (٢٥٨٤)، من حديث جابر -رضي الله عنه-، وفيه قصة.

<<  <  ج: ص:  >  >>