للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أحكام فرعية وليس من نصوص شرعية، إلا أنه ينبغي للمفتي أن يكون ملمًّا بها مطلعًا عليها، حتى يتأتى له ضبط المسائل وتتبع جزئيات الأحكام وجمعها في نسق واحد.

ثانيًا: مقاصد الشريعة:

للشريعة المطهرة غايات عُليا تأتي بعد مرتبة النصوص، وهي أنواع خمسة ثبتت بالاستقراء للنصوص والأحكام والأدلة والتصرفات الشرعية؛ بحيث صارت معلومة من الدين بالضرورة؛ إذ الشريعة موضوعة لحفظ أديان الناس في عقائدهم وشرائعهم، وإقامة أبدانهم وصيانتها والإبقاء على مهجهم، وحفظ عقولهم، ونماء أموالهم، وصون أعراضهم ونسلهم.

وهذه المقاصد على ثلاث مراتب: ضروريات، وحاجيات، وتحسينيات، وقد جاءت الشريعة الغراء بحفظ كل من هذه المقاصد في مراتبها الثلاث، وتقديم الضروري منها على غيره، وتقديم الحاجيِّ منها على التحسيني.

وقد جاءت الشريعة بتشريع ما يقيم الدين ويحفظ على الناس أصوله وفروعه، فعنيت بأحكام العقائد وبيان أحكام أركان الإسلام والإيمان، وشرعت الطهارة وبينت أحكامها، ورغبت في النوافل والاستكثار منها، كما شرعت الحدود لحفظ المحارم وصيانة الأديان، كما جاءت الشريعة بحفظ الأنفس بإقرار حرمتها وتكريمها وتحريم إلحاق الأذى بها، وشرع القصاص لاستدامة الحياة، وأُبيحت الطيبات وسُنَّت آداب الأكل والشرب، والترفه بالمباحات في غير إسراف (١).

كما شرعت الأحكام التي من شأنها حفظ العقل، ورعاية مصالحه الضرورية والحاجية والتحسينية، وذلك بالدعوة للتفكير والتدبر في آيات الله المتلوة وآياته تعالى المجلوَّة، والنظر والتدبر في صفحة الكتاب المسطور، والكون المنظور، وبالدعوة للتعلم والتعقل، كما حُفظ العقل بتحريم تغييبه بمسكر أو مخدر، وتشريع العقوبات اللازمة لحمايته.


(١) الموافقات، للشاطبي، (٢/ ١٦ - ١٧)، ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية، د. محمد سعيد رمضان البوطي، المكتبة الأموية، دمشق، ط ١، ١٣٨٦ هـ - ١٩٩٦ م، (ص ١٢١) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>