للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المناهج في العادات والمعاملات (١).

يقول العز ابن عبد السلام -رحمه الله-: "التكاليف كلها راجعة إلى مصالح العباد في دنياهم وأخراهم والله غني عن عبادة الكل، لا تنفعه طاعة الطائعين، ولا تضره معصية العاصين" (٢).

وقال الشاطبي -حمه الله-: "وضع الشرائع إنما هو لمصالح العباد في العاجل والآجل معًا" (٣).

ولا تُقبل دعوى أن الفقه يمر بأعصُر جمود وتقليد وانحطاط -كما يحلو لبعض الناس أن يُعبر- فلا يصلح الاعتماد إذن على هذه الشريعة، وهذه الدعوى لا تخلو من مغالطة وسوء فهم؛ فأما المغالطة فهي في التسوية بين الفقه والشريعة؛ إذ الفقه هو "العلم الحاصل بجملة من الأحكام الشرعية الفروعية بالنظر والاستدلال" (٤)، وهذا التعريف وغيره من التعاريف يجعل الفقه ملكة وصِفة علمية للإنسان.

وعند التعبير عن الفقه بأنه: "مجموعة الأحكام العملية الشرعية المكتسبة من الأدلة التفصيلية" (٥) يلحظ أن من الأحكام ما هو منصوص عليه، ومنها ما هو مستنبط اجتهادًا، وفي كل عصر من لدن الصحابة يبذل الفقهاء المجتهدون وسعهم ويستفرغون جهدهم في النظر في النصوص لاستنباط أحكام الوقائع ليواكب الفقه حركة الحياة.

فالفقه إذن جهدُ بشرٍ يخطئ ويصيب، وقد يشبَّه بالإنسان في مراحله المختلفة، وهو


(١) مسائل في الفقه: النوازل وكيف يجب التعامل معها، مجلة الدراسات الفقهية المعاصرة، العدد ٦٤، (١٤٢٥ هـ)، (ص ٣٢٤).
(٢) قواعد الأحكام في إصلاح الأنام، للعز ابن عبد السلام، (٢/ ١٢٦).
(٣) الموافقات، للشاطبي، (٢/ ٦).
(٤) الإحكام، للآمدي، (١/ ٢٢).
(٥) الإبهاج، لابن السبكي، (١/ ٢٨)، جمع الجوامع، للسبكي، مطبوع مع شرح المحلي وحاشية العطار، (١/ ٥٧ - ٦٠) البحر المحيط، للزركشي، (١/ ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>