للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النصوص قطعيًّا في ثبوته ودلالته فلا مجال للاجتهاد فيه، وعليه تتنزل القاعدة الأصولية: "اجتهاد مع النص".

أما الأحكام التي تتعلق بنصوص ظنية الثبوت أو الدلالة فيجري فيها الاجتهاد، وكذا ما لم تَرِدْ بشأنه نصوص معلومةٌ للمجتهد.

وكما أنه لا محل للاجتهاد في المسائل المنصوصة بنصٍّ قطعيِّ الثبوت والدلالة فلا يجوز أيضًا أن تتحول الظنيات إلى قطعيات! ولا يصلح بحال أن تتحول الاختيارات الفقهية إلى ثوابت منهجية!

ومع أهمية التأني والتثبت عند مخالفة المذاهب الأربعة إلا أنه لا حرج على المتأهل أن يجتهد فيخالف؛ فإن أحدًا من علماء المذاهب الأربعة لم يقل: إن اتفاقها حجة شرعية، ولو قالوه لم يعتبر قولهم، لأنهم خالفوا فيه أئمتهم من ناحية، ولأنهم مقلِّدون من ناحية أخرى، والمقلِّد لا يقلَّد (١)، أما أئمة المذاهب أنفسهم فقد حذروا من تقليدهم، ولم يدَّعوا لأنفسهم العصمة (٢).

وبناء على ما سبق فإن هذا الأصل تحته صور يسوغ للمجتهد أن ينظر فيها، وهي كما يلي:

١ - أن تكون هذه المسألة مما ليس فيها نص قاطع ولا إجماع.

٢ - أن يكون ما ورد فيها من أدلة محتملًا قابلًا للتأويل، أو النصوص فيه متعارضة في الظاهر، وتحتاج إلى جمع أو ترجيح.

٣ - أن تكون المسألة مترددة بين طرفين وضح في كل واحد منهما مقصد الشارع في


(١) يجوز تقليد فتيا المقلد إذا كان قادرًا على نقل الفُتْيَا مضبوطة، ولم يكن سواه في موضع الاستفتاء. البرهان في أصول الفقه، لأبي المعالي عبد اللك بن عبد الله الجويني، تحقيق: د. عبد العظيم الديب، دار الأنصار، القاهرة، (٢/ ١٣٥٣)، المسودة، لآل تيمية، (ص ٥٤٩ - ٥٥٠).
(٢) الاجتهاد في الشريعة الإسلامية، د. يوسف القرضاوي، دار القلم، الكويت، ط ٣، ١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م، (ص ٢٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>