للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإثبات، والنفي في الآخر.

٤ - ألا تكون المسألة المجتهَد فيها من مسائل أصول الاعتقاد؛ فإن الخلاف في هذه المسائل لا يسوغ، وينكر فيها على المخالف لعقيدة الصحابة والسلف.

وبالجملة فإن من شروط المجتهد والاجتهاد المعتبر أن يتعلق بمَحالِّه، وهذا لا يتأتى إلا بأن يعرف المجتهد مواطن الإجماع والاختلاف.

وقد قال قتادة -رحمه الله- (١): "من لم يعرف الاختلاف لم يشمَّ أنفه الفقه" (٢). وعن هشام بن عبيد الله الرازي -رحمه الله- (٣): "من لم يعرف اختلاف القراءة فليس بقارئ، ومن لم يعرف اختلاف الفقهاء فليس بفقيه" (٤).

وعن عطاء -رحمه الله- (٥) قال: "لا ينبغي لأحد أن يفتي الناس حتى يكون عالمًا باختلاف الناس؛ فإنه إن لم يكن كذلك ردَّ من العلم ما هو أوثق من الذي في يديه" (٦).

والأصل أن المجتهد لا ينشئ الأحكام من تلقاء نفسه، وإنما يكشف عنها، ومهمته حراسة الأحكام الشرعية من أن تضيع أو تُبدَّل أو تُحرَّف، وليس له حقُّ التشريع؛ إذ هو


(١) أبو الخطاب، قتادة بن دعامة بن قتادة بن عزيز، السدوسي، البصري، قدوة المفسرين والمحدثين، روى عن أنس ابن مالك، وابن المسيب، وروى عنه الأوزاعي، وأيوب السختياني، ولد سنة سنة ٦٠ هـ، وتوفي سنة ١١٧ هـ. الجرح والتعديل، لابن أبي حاتم، (٧/ ١٣٣)، وسير أعلام النبلاء، للذهبي، (٥/ ٢٦٩).
(٢) جامع بيان العلم وفضله، لابن عبد البر، (٢/ ٨١٥).
(٣) هشام بن عبيد الله الرازي، تفقه على أبي يوسف، ومحمد، روى عن مالك، وابن أبي ذئب، وروى عنه أبو حاتم، وأحمد بن الفرات، توفي سنة ٢٢١ هـ. الجرح والتعديل، لابن أبي حاتم، (٩/ ٦٧)، الجواهر المضية، لمحيي الدين القرشي.
(٤) المرجع السابق، (٢/ ٨١٦).
(٥) عطاء بن عبد الله بن أبي مسلم، البلخي الخراساني، المحدث، الواعظ، نزيل دمشق والقدس، ولد سنة ٥٠ هـ، وتوفي سنة ١٣٥ هـ. التاريخ الكبير، لمحمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق: السيد هاشم الندوي، دار الفكر، (٦/ ٤٧٤)، وسير أعلام النبلاء، للذهبي، (٦/ ١٤٠).
(٦) المرجع السابق، (٢/ ٨١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>