للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"سئل عنها المشايخ المجتهدون في المذهب ولم يجدوا فيها نصًّا، فأفتوا فيها تخريجًا" (١).

والنص المذكور في تعريف ابن عابدين المقصود به فتاوي أبي حنيفة وتلامذته الكبار كمحمد بن الحسن وأبي يوسف ونحوهما.

وقوله: "لم يجدوا فيها نصًّا"، لا يعني عدم وجوده، فقد تسمى النازلة في حق شخص لجهله بحكمها، ألا ترى أنهم يقولون مثلًا: "إذا نزلت بالعامي نازلة وهو في مكان لا يجد من يسأله عن حكمها، أنه يجب عليه أن يتقي الله ما استطاع، ويتحرى الحق بجهده ومعرفة مثله" (٢)، وهذا ما سمي عاميًّا إلا لجهله بالنصوص الشرعية، ومسالك أهل العلم في استنباط الأحكام منها.

وتعريف ابن عابدين أشار إلى فحواه ومعناه من المتقدمين الإمام الشافعي -رحمه الله- حيث قال: "فليست تنزل بالمسلمين نازلة إلا في كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها" (٣)، وكذلك الإمام ابن عبد البر -رحمه الله- (٤) حين ترجم بابًا في كتابه "جامع بيان العلم وفضله" فقال: "باب اجتهاد الرأي على الأصول عند عدم النصوص في حين نزول النازلة" (٥).


(١) رد المحتار على الدر المختار لشرح تنوير الأبصار، لمحمد أمين بن عمر بن عبد العزيز بن عابدين الدمشقي، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود، وعلي محمد عوض، دار عالم الكتب، الرياض، ١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٣ م، (١/ ١٤٢).
(٢) إعلام الموقعين عن رب العالمين، لابن القيم، محمد بن أبي بكر الزرعي، تحقيق: طه عبد الرءوف سعد، دار الجيل، بيروت، ١٩٧٣ م، (٤/ ٢١٩).
(٣) الرسالة، للإمام محمد بن إدريس الشافعي، تحقيق: أحمد شاكر، دار الكتب العلمية، بيروت، (ص ٢٠).
(٤) أبو عمر، ابن عبد البر، يوسف بن عبد الله بن محمد، الأندلسي، القرطبي، المالكي، الإمام الكبير، وحافظ المغرب، صاحب التصانيف الفائقة، منها: التمهيد، والاستذكار، والكافي، ولد سنة ٣٦٨ هـ، وتوفي سنة ٤٦٣ هـ. ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك، للقاضي عياض بن موسى بن عياض السبتي، تحقيق: مجموعة من الباحثين، وزارة الأوقاف المغربية، ط ٢، ١٤٠٣ هـ، (٨/ ١٢٧)، سير أعلام النبلاء، للذهبي، (١٨/ ١٥٣).
(٥) جامع بيان العلم وفضله، لأبي عمر يوسف بن عبد البر، تحقيق: حسن أبي الأشبال الزهيري، دار ابن الجوزي، الدمام، ط ١، ١٤١٤ هـ - ١٩٩٤ م، (٢/ ٨٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>