للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن تيمية -رحمه الله-: "والذي عليه جماهير الأمة أن الاجتهاد جائز في الجملة". فالقول بجواز الاجتهاد هو مذهب الجماهير (١)، ومنهم من ذهب إلى أنه فرض كفاية (٢).

وقد رأينا الشاطبي -رحمه الله- يعقد في الشروط العلمية للاجتهاد قاعدة أصولية مفيدة يقول فيها: إن الاجتهاد إن تعلق بالاستنباط من النصوص اشترط له العلم بالعربية، وإن تعلق بالمعاني لزم العلم بمقاصد الشريعة (٣).

وهذا يدل على أن العلم بالعربية أداة فهم النصوص ومن ثم الاستنباط (٤)، وأن العلم بمقاصد الشريعة يعين على الترجيح بين المصالح والمفاسد.

ولقد قرر الشاطبي أن درجة الاجتهاد لا تحصل إلا لمن اتصف بوصفين:

١ - فهم مقاصد الشريعة على كمالها.

٢ - التمكن من الاستنباط بناء على فهمه فيها (٥).

ويستدل لمباشرة الاجتهاد في محالِّه المعتبرة بعد استيفاء شروطه المعتبرة بها هو معلوم من تناهي النصوص، وعدم تناهي الحوادث المستجدة.

وفي هذا المقام يقول الإمام الشاطبي -رحمه الله-: "الوقائع في الوجود لا تنحصر، فلا يصح دخولها تحت الأدلة المنحصرة؛ ولذلك احتيج إلى فتح باب الاجتهاد من القياس وغيره، فلا بد من حدوث وقائع لا تكون منصوصًا على حكمها، ولا يوجد للأولين فيها اجتهاد، وعند ذلك؛ فإما أن يترك الناس فيها مع أهوائهم، أو ينظر فيها بغير


(١) مجموع الفتاوى، لابن تيمية، (٢٠/ ٢٠٣).
(٢) البحر المحيط، للزركشي، (٦/ ١٩٨)، والأشباه والنظائر، للسيوطي، (ص ٤١٥).
(٣) الموافقات، للشاطبي، (٤/ ١٦٢).
(٤) اعتبر بعض العلماء، كالشهرستاني صاحب الملل والنحل، والأستاذ عبد الوهاب خلَّاف صاحب أصول الفقه، العلم بالعربية أول شروط الاجتهاد، وفصَّل الشاطبي القول في ذلك.
(٥) الموافقات، للشاطبي، (٤/ ١٠٥ - ١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>