للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من غير المسلم، مع موافقة ذلك لرأي معاذ بن جبل، ومعاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهم-، ومحمد بن الحسن، وسعيد بن المسيب، ومسروق (١) ويحيى بن نعيم (٢)، وإسحاق بن راهويه وابن تيمية وابن القيم، وإن كان مخالفًا لما استقرَّ في مذاهب الأئمة الأربعة (٣).

ومن التطبيقات المتعلقة بهذه القاعدة في مجتمع الأقليات المسلمة وفقهها أهمية دور وأعمال المجامع الفقهية المعاصرة وهيئات الفُتْيَا العامة، ولا شك أن هذا من حسنات هذه الأمة المحمدية المرحومة في هذا الزمان؛ فإن هذه الفتاوي تشبه إلى حد بعيد ما كان يقع في الصدر الأول حين تنزل نازلة فيجمع لها الصِّدِّيق رءوس الناس وخيارهم فيستشيرهم ويأخذ برأيهم إذا اجتمع، وكذا كان الفاروق يفعل (٤)، وهذا ما يمكن تسميته بالإفتاء الجماعي، أو الاجتهاد الجماعي.

وكثيرًا ما تصدر الفتوى بالأغلبية داخل هذه المواقع، وهذا يدل بدوره أيضًا على أنها لا تمثل في أقصى تقدير إلا موقف الجمهور من النوازل المعاصرة.

وقد قال الشاعر:

لَا يَصْلُحُ النَّاسُ فَوْضَى لَاسَرَاةَ لَهُمْ ... وَلَا سَرَاةَ إِذَا جُهَّالُهُمْ سَادُوا

وما من شك في أهمية هذه المجامع لا سيما في الاجتهاد في حكم تلك المسائل التي يتغير الحكم فيها تبعًا للمصلحة، كما فعل عمر -رضي الله عنه- بإيقاف سهم المؤلفة قلوبهم من


(١) أبو عائشة، مسروق بن الأجدع بن مالك بن أمية بن عبد الله بن مر بن سلمان بن معمر، الإمام، القدوة، العلم، حدث عن أبي بن كعب، وعمر، وحدث عنه الشعبي، وإبراهيم النخعي، ويحيى بن وثاب، توفي سنة ٦٣ هـ. الطبقات الكبرى، لابن سعد، (٦/ ٧٦)، سير أعلام النبلاء، للذهبي، (٤/ ٦٣).
(٢) يحيى بن نعيم، من أصحاب الإمام أحمد وروى عنه أشياء. طبقات الحنابلة، لابن أبي يعلى، (٢/ ٥٤١)، المقصد الأرشد، لابن مفلح، (٣/ ١١١).
(٣) الضوابط المنهجية لفقه الأقليات المسلمة، د. صلاح سلطان، (ص ٣٩).
(٤) إعلام الموقعين، لابن القيم، (١/ ٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>