تهوين، فأعظم ما يؤثر في سلامة النظرة العلمية هو اللجوء إلى أسلوب المبالغة والتضخيم، الذي يجعل من الحبة قبة، أو من القط جملًا، كما يقول المثل، أو إلى الأسلوب المقابل، وهو التصغير والتهوين، ومحاولة التقليل من أهمية الأمر رغم خطورته، كما نشاهده في موقفنا من دولة العدو الصهيوني -إسرائيل- وكما نشاهده في موقفنا من الحضارة الغربية.
إننا أحيانًا نبني حكمنا الفقهي على معرفتنا بالواقع؛ فإذا أراد الفقيه أن يفتي في مسألة كالتدخين، فإنه يبني فتواه على رأي الطبيب، وتقرير المحلل، فإذا قال الطبيب: إن التدخين ضار بالصحة، خطرٌ عليها، فلا يسع الفقيه إلا أن يقول: هو حرام؛ لأنه لا يجوز للمسلم أن يضر نفسه باختياره، فلا ضرر ولا ضرار، ومناط الضرر قد تحقق برأي الطبيب، فوجب الإفتاء بالتحريم" (١).
ومن واجب هذا الفقه الواقعي، أو هذا الاجتهاد المعاصر: أن يعرف حقيقة الأقلية المسلمة التي يفتي لها، فلا شك أن الأقليات تتفاوت فيما بينها تفاوتًا بعيدًا.
فالأقلية التي يكون معظمها من الوافدين المهاجرين، غير الأقلية التي يكون معظمها من المواطنين الأصليين.
والأقلية المستضعفة غير الأقلية المتمكنة ذات المال والجاه والنفوذ.
والأقلية المحدودة العدد، غير الأقلية الكبيرة.
والأقلية الحديثة الوجود غير الأقلية العريقة التي لها مئات السنين.
والأقلية في البلاد الليبرالية التي تنعم بالحريات وحقوق الإنسان، غير الأقلية في البلاد الدكتاتورية التي لا تعترف للإنسان بحق ولا حرية، ولا ترقب في مؤمن إلًّا ولا ذمة.