للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يطاق، كما لا يطالب بتحسين ما قبح من خلقة جسمه، ولا تكميل ما نقص منها؛ فإن ذلك غير مقدور للإنسان، ومثل هذا لا يقصد الشارع طلبًا ولا نهيًا عنه" (١).

وبناءً على ذلك فإنه لا يجوز التكليف بما لا يطاق، ويجوز التكليف بالمشاق، وإن كانت غير مقصودة أصلاً للشارع (٢).

٢ - أهلية المكلف للتكليف:

كان الشرط السابق متعلقًا بالفعل المكلف به، أما هذا الشرط فيتعلق بقدرة المكلف على فهم الخطاب وتنفيذه، وهو ما يعبَّر عنه بمصطلح الأهلية، وهي على نوعين:

١ - أهلية وجوب بمعنى: صلاحية الإنسان لوجوب الحقوق المشروعة له وعليه، أو صلاحيته للإلزام والالتزام (٣).

٢ - وأهلية الأداء وهي: صلاحيته لصدور الفعل عنه على وجه يعتدُّ به شرعًا (٤).

ولتحقق الأهلية الكاملة تُشترط قدرتان:

الأولى: قدرة على فهم الخطاب الشرعي، وهي تتحقق بالعقل، ولما كان العقل متفاوتًا اعتُبِرَ عقل البالغ مناطًا لاعتبار العقل.

والثانية: قدرة العمل وتنفيذ ما جاء في الخطاب وهي تتحقق بسلامة البدن وصحته، ولما كان هذا متفاوتًا أيضًا اعتُبِرَت قوة البدن لدى تكامل القوى في سن البلوغ.

ولهذا ارتفع التكليف عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن


(١) الموافقات، للشاطبي، (٢/ ١٠٨ - ١٠٩).
(٢) الموافقات، للشاطبي، (٢/ ١١٩).
(٣) الأهلية وعوارضها بحث للشيخ أحمد إبراهيم، مجلة القانون الاقتصادية عدد ٣ السنة الأولى ١٩٣١ م، شرح التلويح، للتفتازاني، (٢/ ٣٣٧)، رفع الحرج، للباحسين، (ص ١٧٥).
(٤) شرح التلويح، (٢/ ٣٣٧)، للتفتازاني، مباحث الحكم عند الأصوليين، محمد سلام مدكور، المطبعة العالمية، مصر، ١٩٦٣ م، (ص ٢٥١)، رفع الحرج، للباحسين، (ص ١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>