للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"الأول: تعميم الذنوب واستغراقها بها بحيث لا تدع ذنبًا إلا تناولته.

الثاني: إجماع العزم والصدق بكليته عليها؛ بحيث لا يبقى عنده تردُّهٌ، ولا تَلَوُّمٌ ولا انتظار، بل يجمع عليها كل إرادته، وعزيمته مبادرًا بها.

الثالث: تخليصها من الشوائب والعلل القادحة في إخلاصها ووقوعها لمحض الخوف من الله وخشيته، والرغبة فيما لديه والرهبة مما عنده، لا كمن يتوب لحفظ جاهه وحرمته ومنصبه ورياسته، أو لحفظ قوته وماله، أو استدعاء حمد الناس، أو الهرب من ذمهم، أو لئلَّا يتسلط عليه السفهاء، أو لقضاء نهمته من الدنيا، أو لإفلاسه وعجزه، ونحو ذلك من العلل التي تقدح في صحتها وخلوصها لله -عز وجل-.

فالأول يتعلق بما يتوب منه، والأوسط يتعلق بذات التائب، والثالث يتعلق بمن يتوب إليه، فنصح التوبة: الصدق فيها والإخلاص، وتعميم الذنوب بها، ولا ريب أن هذه التوبة تستلزم الاستغفار وتتضمنه وتمحو جميع الذنوب، وهي أكمل ما يكون من التوبة" (١).

وشروط التوبة النصوح: أن يترك المعصية في الحال، وأن يقصد تركها في الاستقبال، وأن يندم على فعلها في الماضي (٢).

فإن تعلقت المعصية بحقِّ آدميٍّ استبرأ منه، وطلب أن يحلَّه بعد أن يعيد إليه حقَّه (٣) ومن العلماء من يضيف حصولها في الوقت الذي حدده الشارع، وهو ما قبل الغرغرة (٤).

ومقصود هذه القاعدة أن من تاب إلى الله توبة خالصة صحيحة فإن الله تعالى يتجاوز له عما فرط من الذنوب، ويستر عليه ما سلف من العيوب، ويبدل الله سيئاته حسنات.


(١) مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، لمحمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية، تحقيق: محمد حامد الفقي، دار الكتاب العربي، بيروت، ط ٢، ١٣٩٣ هـ - ١٩٧٣ م، (١/ ٣١٠ - ٣١٢).
(٢) كشاف اصطلاحات الفنون، للتهانوي، (١/ ٥٢٤ - ٥٢٥).
(٣) رياض الصالحين، لمحيي الدين يحيى بن شرف النووي، تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط ١، ١٣٩٩ هـ - ١٩٧٩ م، (ص ١١).
(٤) الإرشاد إلى قواطع الأدلة، للجويني، (ص ٤٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>