للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى خاص.

أما المعنى العام للضرورة فهو: ما لا بد منه في قيام مصالح الدنيا والدين.

والمعنى العام للقاعدة يدور على أن مقصود الشرع من الخلق خمسة، وهو: أن يحفظ عليهم دينهم، وأنفسهم، وعقلهم، ونسلهم، ومالهم (١).

وهذه الضرورات الخمس أول من عُني بِعَدِّها على هذا النحو -فيما وصل إلينا- هو أبو المعالي الجويني حيث قال: "فالشريعة متضمنها: مأمور به، ومنهي عنه، ومباح، فأمَّا المأمور به فمعظمه العبادات. . .، وأما المنهيات فأثبت الشرع في الموبقات منها زواجر. . .، وبالجملة: الدم معصوم بالقصاص. . .، والفروج معصومة بالحدود. . .، والأموال معصومة عن السراق بالقطع. . ." (٢).

وتحديد هذه الضرورات وعدُّها في خمس إنما عُلِمَ بالاستقراء التام الحاصل بتتبع نصوص الكتاب والسنة وقرائن الأحوال وتفاريق الأمارات، بحيث ثبتت مراعاة الشَّارع لها والتفاته إليها في جميع أحكامه، بل يستحيل أن يُفَوِّتَها في شيء من أحكامه، بل جميع التكاليف الشرعية تدور حولها بالحفظ والصيانة (٣).

وذهب الآمدي إلى أن هذه الضرورات الخمس المحصورة لم تخلُ من رعايتها ملة من الملل فقال: "المقاصد الخمسة التي لم تخلُ من رعايتها ملة من الملل، ولا شريعة من الشرائع، وهي: الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال،. . . والحصر في هذه الخمسة الأنواع، إنما كان نظرًا إلى الواقع، والعلم، ولانتفاء مقصد ضروري خارج عنها في العادة" (٤).


(١) المستصفى، للغزالي، (ص ١٧٤).
(٢) البرهان، للجويني، (٢/ ١١٥٠ - ١١٥١).
(٣) روضة الناظر، لابن قدامة، (ص ١٧٠)، الموافقات، للشاطبي، (٢/ ٤٩ - ٥٢)، شرح الكوكب المنير، لابن النجار، (٤/ ١٥٩ - ١٦٠).
(٤) الإحكام، للآمدي، (٣/ ٣٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>