للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والضروريات: هي ما لا استغناء عنه في الدارين، وما لا بد منه في قيام مصالح المكلفين في الدنيا والدين، وحفظ الضرورات الخمس بإقامة أركانها، وتثبيت دعائمها، وبدرء الفساد الواقع والمتوقع عليها، فالحاجة في الضروريات ملجئة ولا بد (١).

يقول الشيخ ابن عاشور -رحمه الله-: "ولست أعني باختلال نظام الأمة هلاكها، واضمحلالها؛ لأن هذا قد سلمت منه أعرق الأمم في الوثنية والهمجية، ولكني أعني به أن تصير أحوال الأمة شبيهة بأحوال الأنعام، بحيث لا تكون على الحالة التي أرادها الشارع منها، وقد يفضي بعض ذلك الاختلال إلى الاضمحلال الآجل بتفاني بعضها ببعض، أو بتسلط العدو عليها إذا كانت بمرصد الأمم المعادية لها، أو الطامعة في استيلائها عليها" (٢).

وحفظ الشريعة للمصالح الضرورية يتم من جانبين:

الأول: حفظها من جانب الوجود؛ بتشريع ما يقيم أركانها ويثبت بنيانها.

الثاني: حفظها من جانب العدم؛ بتشريع ما يدرأ عنها الخلل.

وقد حاول بعض الباحثين أن يضع تعريفًا ضابطًا للضروري، فقال: كل ما يؤدي في الدنيا إلى تلف الأصل، أو انحرافه، أو زوال منفعته، أو ما ينزل منزلة ذلك كلًّا أو جزءًا، حقيقةً أو حكمًا سواء كان واقعًا أو متوقعًا، بشكل قطعي، أو قريب من القطعي، وما يؤدي فقده في الآخرة إلى دخول النار وحصول العذاب، ولو لفترة (٣).

٢ - الحاجيات: ما دار كالسياج حول الضروريات ولم يبلغ درجتها في الافتقارِ إليها، وتَرَتُّبِ الهلاك على فقدها.


(١) الموافقات، للشاطبي، (٢/ ٨)، قواعد الأحكام، للعز ابن عبد السلام، (٢/ ١٢٣).
(٢) مقاصد الشريعة، لابن عاشور، (ص ٧٩).
(٣) تأصيل فقه الأولويات دراسة مقاصدية تحليلية، د. محمد همام ملحم، دار العلوم، عمان، الأردن، ط ١، ٢٠٠٧ م، (ص ٢٢٨ - ٢٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>