للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتتحقق الضروريات مع فقد الحاجيات، ولكن بعسر بالغ وحرج معنت، فالحاجيات تدور على ما تدفع به المشقات من الرخص والتوسعات، وسائر التخفيفات؛ وذلك لتسهل الحياة على المكلفين وتسير بهم في رفق ويسر (١).

فالحاجة هي الحالة التي تستدعي تيسيرًا أو تسهيلًا لأجل الحصول على المقصود، فهي دون الضرورة من هذه الجهة، وإن كان الحكم الثابت لأجلها مستمرًّا، والثابت للضرورة مؤقتًا (٢).

وهي ما عبر عنه العز ابن عبد السلام -رحمه الله- بقوله: ما توسط بين الضروريات، والتكميلات، هذا بالنسبة لمصالح الدنيا، أما بالنسبة لمصالح الآخرة، ففعل السنن

المؤكدات الفاضلات (٣).

وقد ضبطها الشاطبي بقوله: "إنها مفتقر إليها من حيث التوسعة، ورفع الضيق المؤدي في الغالب إلى الحرج والمشقة اللاحقة بفوت المطلوب، فإذا لم تراعَ دخل على المكلفين -على الجملة- الحرج والمشقة، ولكنه لا يبلغ مبلغ الفاسد العادي المتوقع في المصالح العامة" (٤).

٣ - التحسينيات: وهي مقتضيات المروءات، ومكارم الأخلاق، ومحاسن العادات، وتجنب الأحوال المدنسات التي تأنفها العقول الراجحة، والنفوس الصالحة، فتكمل بذلك وتجمل الحياة (٥).

فالتحسينيات لا تتوقف عليها حياة الناس الدينية أو الدنيوية، ولا ينال الناس بفقدها


(١) الموافقات، للشاطبي، (٢/ ١٠ - ١١)، نظرية الضرورة الشرعية، للزحيلي، (ص ٥١ - ٥٢).
(٢) شرح القواعد الفقهية، لأحمد الزرقا، (ص ٢٠٩).
(٣) قواعد الأحكام، للعز ابن عبد السلام (٢/ ٦٠).
(٤) الموافقات، للشاطبي، (٢/ ١٠ - ١١).
(٥) الموافقات، للشاطبي، (٢/ ١١)، أثر الاضطرار في إباحة فعل المحرمات الشرعية، لجمال نادر الفرا، دار الجيل، بيروت، ط ١، ١٤١٤ هـ - ١٩٩٣ م، (ص ٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>