للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يتصل به بجامع الإعانة على الربا.

وأما القول بأن فقه الموازنات يقتصي العمل في هذه البنوك؛ لدفع مفسدة أعظم من مفسدة عمل غير المسلمين في هذه البنوك فلا يصح؛ لأن مفسدة الربا أعظم من مفسدة عمل غير المسلم في هذه البنوك، فلا تصح هذه الموازنة.

ولو سلم جدلاً اضطرار فرد في بلاد غير المسلمين اضطرارًا حقيقيًّا لم يكن هنا سبيل لإباحة العمل بهذه البنوك مطلقًا لكل أحد؛ إذ الضرورة تقدر بقدرها (١).

وهكذا لا يجوز الاقتراض من البنوك الربوية مطلقًا لبناء المساكن، أو شرائها مع وجود شركات إسلامية تبيع العقار بالتقسيط (٢).

وبناء على ما سبق فما يدعيه كثيرون في هذه الأيام من ضرورة التختم بالذهب، أو ضرورة التعامل الربوي، أو الضرورة الاقتصادية التي تسمح ببيع الخمور، وفتح الملاهي للسياح. . . ونحو ذلك، كل هذا لا يعتبر من الضرورات الحقيقية، ولا يباح من أجله الحرام، سواء أكان ذلك في بلاد الإسلام، أم في غيرها.

ومما ينبغي التنبه إليه أن ارتكاب المحظور عند الاضطرار إنما هو رخصة منَّ الله بها على عباده، والرخص لا تناط بالمعاصي (٣).

فلو أن سائق شاحنة ببلاد غير المسلمين استؤجر لينقل خمرًا من بلد إلى بلد فسافر بشاحنته كان سفره هذا سفر معصية، وكان به عاصيًا، فلا تحل له رخص السفر في قول


(١) الأعمال والوظائف، وأثر الظروف المعيشية في الغرب في حلها وحرمتها، بحث للدكتور، محمد عثمان شبير، مقدم إلى الدورة الرابعة لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا بالقاهرة ٢٠٠٦ م، (٢/ ١٦٢ - ١٦٣).
(٢) فقه الموازنات والترجيح، عموم البلوى، بحث للدكتور وهبة الزحيلي، مقدم إلى الدورة الرابعة لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، القاهرة ٢٠٠٦ م، (٢/ ٢٠٦).
(٣) الأشباه والنظائر، لابن السبكي، (١/ ١٣٥)، والمنثور في القواعد، للزركشي، (٢/ ١٦٧)، والأشباه والنظائر، للسيوطي، (ص ١٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>