والاعتصام، وابن عاشور في مقاصد الشريعة، وعلال الفاسي في المقاصد الشرعية، ويوسف حامد العالم، ومحمد البلتاجي وغيرهم من المعاصرين -في ذلك كله ثروة فقهية أصولية عظمى لمن كملت آلته واستعدت قريحته للتصدي لحفظ حياة الأقليات، ورعاية المقاصد الشرعية في ظروفهم العادية والاستثنائية، على حدٍّ سواء، وبما لا يفضي إلى تعطيل النصوص الشرعية الجزئية، أو إهمالها، مع ما قد يقع من تجاذب، أو تنازع بين المصالح والمقاصد والنصوص.
والمتصدرون لمثل هذه المسائل الشائكة في بلاد الأقليات المسلمة حين يعملون هذه القاعدة وغيرها قد يخرجون بأحكام أو بفتاوي قد تستنكر في بادي الرأي، لكنها قد تثبت عند المناقشة والموازنة والترجيح، كما انتهى إليه نظر عمر -رضي الله عنه- في إيقاف سهم المؤلفة قلوبهم، وقطع يد السارق، ومنع الزواج بالكتابية، والإلزام بالطلقات الثلاث، والزيادة في حد الشرب إلى ثمانين. . . وغير ذلك من التصرفات العمرية التي تعتبر اجتهادًا مقاصديًّا مع أنه -رضي الله عنه- هو الذي أعمل النص الجزئي عند تقبيل الحجر الأسود، والاضطباع، والرَّمَل. . . وغير ذلك.
ومن قبل اجتهد مقاصديًّا بعض الصحابة فراعوا المقاصد فصلوا العصر في الطريق إلى بني قريظة، واجتهد غيرهم فلم يصلها إلا بعد العشاء في بني قريظة، فكان الأولون