وأخيرًا فإن التأكيد على رعاية هذه المصالح يجب أن يكون بميزان الحق، لا الهوى، والعدل، لا الجور، فمن المصالح ما هو غير معتبر، فلا يصلح إذن أن يُنادَى في غرب ولا شرق ولا في أقلية ولا أكثرية بمساواة الأنثى للذكر مثلًا في الإرث؛ نظرًا لتساويهم في الأخوة؛ وذلك لقوله تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}[النساء: ١١].
كما لا يصلح لمسلمة أن تنزع حجابها في دار غير المسلمين؛ لتعمل في وظيفة، أو تتلقى تعليمًا، فضلًا عن أن تفعل هذا مسايرةً أو تقليدًا، والله تعالى يقول:{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}[النور: ٣١].
ولا يحلُّ لمسلم أن يُنشئ مصنعًا لبيع الخمور، أو أن يفتح محلًّا للتجارة فيها، لا في ديار المسلمين؛ بحجة تشجيع السياحة، وتنمية الاقتصاد، وزيادة الدخل القومي، ولا في ديار غير المسلمين؛ بحجة الحاجة، أو ضيق ذات اليد، والله تعالى يقول:{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ}[المائدة: ٩٠].
ولا يحلُّ لمسلم أن يعمل ببلاد الغرب، أو الشرق في بيع أوراق اليانصيب (القمار)، ولا الخنزير، ولو تَوَهَّمَ أن في ذلك مصلحةً.
إن المصلحة راجعة إلى خطاب الشارع الحكيم، والفرق واضح بين المصلحة القائمة على أوامر الشرع المطهر، والمتوهمة الراجعة إلى داعية الهوى والتشهي، قال تعالى:{وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}[ص: ٢٦].