للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالأمثل من أهل تلك الديار، أو المقيمين بها.

وقد قال ابن القيم -رحمه الله-: "إذا لم يجد السلطان من يوليه إلَّا قاضيًا عاريًا عن شروط القضاء، لم يعطل البلد عن قاضٍ، وولَّى الأمثلَ فالأمثلَ.

ونظيرها لو غلب الحرامُ المحض أو الشبهة حتى لم يجد الحلالَ المحض فإنه يتناول الأمثلَ فالأمثلَ.

ونظيرُ هذا لو كان الفسق هو الغالب على أهل تلك البلد، وإن لم تقبل شهادة بعضهم على بعض وشهادته له لتعطلت الحقوق وضاعت، قُبِلَ شهادةُ الأمثلِ فالأمثلِ.

ونظيرُ هذا لو شهد بعض النساء على بعض بحق في بدن أو عرض، أو مال، وهن منفردات، بحيث لا رجلَ معهن، كالحمَّامات، والأعراس، قبلت شهادةُ الأمثلِ منهن" (١).

"ولا يضع الله ورسوله حقَّ المظلوم، ويعطل إقامة دينه في مثل هذه الصور أبدًا، بل نبه الله على قبول شهادة الكفار على المسلمين في السفر في الوصية في آخر سورة نزلت ولم ينسخها شيء ألبتة، ولا نسخ هذا الحكم كتاب ولا سنة، ولا اجتمعت الأمة على خلافه، ولا يليق بالشريعة سواه، فإن الشريعة شُرِعَتْ لتحصيل مصالح العباد بحسب الإمكان، وأي مصلحة لهم في تعطيل حقوقهم إذا لم يحضر أثناء تلك العقود شاهدان حُرَّان ذكران عدلان؟ بل إذا قلتم: نقبل شهادة النساء حيث لا رجلَ، وينفذ حكم الفاسق إذا خلا الزمان عن قاضٍ عادل عالم، فكيف لا تقبل شهادة الكفار بعضهم على بعضهم إذا خلا جمعهم عن مسلم" (٢).


(١) إعلام الموقعين، لابن القيم، (٤/ ١٩٧).
(٢) الفواكه العديدة في المسائل المفيدة، لأحمد بن محمد بن منقور، تحقيق: زهير الشاويش، شركة الطباعة العربية السعودية، ط ٥، ١٤٠٧ هـ - ١٩٨٧ م، (٢/ ١٨٢ - ١٨٣)، مدخل لدراسة الشريعة الإسلامية، د. يوسف القرضاوي، مكتبة وهبة، القاهرة، ط ١، ١٤١١ هـ - ١٩٩١ م، (ص ١٢٣ - ١٢٥)، في فقه الأقليات المسلمة، د. يوسف القرضاوي، (ص ٥٥ - ٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>