وقولًا وردًّا، ومجازاةً عليها، فميزان الأعمال إنما هو النية والقصد (١).
وإذا كانت الأمور بمقاصدها فإنه ينبغي على كل مكلَّف أن يكون قصده في أفعاله وأقواله الظاهرة والباطنة موافقًا لقصد الشارع الحكيم؛ وذلك حتى تؤتي ثمارها وتعود بصالح نتائجها، وإلا فإنه لا يكفي أن يكون ظاهر الفعل مشروعًا ليوصف بالمشروعية وإنما لا بد أن يكون قصد المكلف المباشر للفعل مشروعًا أيضًا.
ومخالفة قصد الشارع ومنافاته هدمٌ للمصالح التي شرعت من أجلها الأحكام، وعلى سبيل المثال فإذا كان المكلف مأمورًا بالنكاح استحبابًا لتحصيل مصالح العفاف واستمرار النسل ونحو ذلك؛ فإن قصده التحليل للزوج الأول يهدم هذه المصالح ويقضي عليها ويناقض مقصود الشارع.
والطلاق أبيح لتحقيق مصلحة مشروعة ودرء مفسدة ممنوعة، فإذا استعمل الزوج هذا الطلاق ليحرم المرأة من حقها في الإرث لدى مرضه مرض الموت فقد ناقض مقصود الشارع من تشريع الطلاق.
وهكذا لو خالف المكلف مقصود الشارع في البيع والهبة والشركات ونحوها.
وبالجملة فإن المكلف عليه أن يجرى على موافقة قصد الشارع لتتحقق له المصالح الدينية والدنيوية، وينال أجر العبودية في أعماله العادية والعبادية، وبهذا يعمر الأرض وتحقق خلافته فيها وتثمر الثمرات المرجوة، وبهذا يكون قد حقق العبودية التي تعني ألا يتصرف العبد إلا بما يرضي ربه ومولاه، ولو خالف في ذلك هواه ومشتهاه، فيقتضي هذا موافقة لقصد الشارع، أو على الأقل ترك المناقضة لمقصوده.
وهذا الأمر يتحقق بامتثال الأمر والقصد معًا سواء اطلع المكلف على المصالح أو
(١) القواعد الفقهية الكبرى وما يتفرع عنها، د. صالح السدلان، (ص ٤٥).