للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا المبدأ يُعْنَى بمراعاة ما ينشأ عن تصرفات وأفعال المكلفين من آثار وأحوال لها دخل مباشر في تكوين مناط الحكم وتكييفه، ومن ثم إصدار الحكم على تلك الأفعال بحسب ما تنتهي إليه وتفضي من النتائج.

على أنه من المآلات ما يكون قطعيًّا في تحققه وحصوله، ومنها ما يكون ظنيًّا في تحققه، ولم يبلغ مبلغ القطع واليقين، ومنها ما يكون نادرًا، أو موهومًا.

ومحل النظر في المآلات إنما هو في الأفعال والتصرفات.

ولذا عبر عنها الشاطبي بقوله: "النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعًا" (١).

والأفعال هي كل ما يصدر عن المكلَّف، وتتعلق به قدرته من قول أو فعل أو اعتقاد أو نية (٢).

فيشمل الفعل وهو أعم من الاعتقاد والقول، كما يشمل الواقع والمتوقع؛ لأنهم عبروا بالتعلق عما من شأنه أن يتعلق وإن لم يقع بعد، تسميةً للشيء باسم ما يؤول إليه (٣).

ولا يشترط في هذه الأفعال أن تكون موافقة أو مخالفة، فهي عمومًا يُنْظَرُ في آثارها وما يترتب عليها من نتائجها مطلقًا.

وهذه القاعدة وثيقة التعلق بقواعد المقاصد، والتي من أهمها: "قصد الشارع من المكلف أن يكون قصده في العمل موافقًا لقصده في التشريع" (٤).

كما ترتبط بالقاعدة المقاصدية الأخرى: المقاصد معتبرة في التصرفات (٥)، وهي قريبة من القاعدة الفقهية الكبرى: الأمور بمقاصدها (٦).


(١) الموافقات، للشاطبي، (٤/ ١٩٤).
(٢) نهاية السول، للإسنوي، (١/ ٥٦)، حاشية البناني على شرح المحلِّي، (١/ ٤٩).
(٣) نهاية السول، للإسنوي، (١/ ٥٣).
(٤) الموافقات، للشاطبي، (٢/ ٣٣١).
(٥) المرجع السابق، (٢/ ٣٢٣).
(٦) الأشباه والنظائر، للسيوطي، (ص ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>