للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عباس؛ فعِلْمُ الناس عامته عن أصحاب هؤلاء الأربعة، فأما أهل المدينة فعلمهم عن أصحاب زيد بن ثابت وعبد الله بن عمر، وأما أهل مكة فعلمهم عن أصحاب عبد الله بن عباس، وأما أهل العراق فعلمهم عن أصحاب عبد الله بن مسعود" (١).

وبالجملة فقد تلقى كبار التابعين عن الصحابة وتحقق هذا الاتصال والتلقي فأخذ اللاحق عن السابق، ووجدت اجتهادات لصغار الصحابة والتابعين في مسائل جدَّت وحوادث وقعت لم تكن معهودة في الزمن الأول.

وبالجملة فقد اعتبر الشاطبي مصادر الصحابة في الاستنباط راجعةً إلى الكتاب والسنة والإجماع والرأي (٢).

"وكان الصحابة -أيضًا- يشرعون أحكامًا لحوادث بناءً على المصلحة الواجب مراعاتها، أو المفسدة الواجب دفعها؛ فكان اجتهادهم فيما لا نص فيه، لا سيما فيما فيه مجال يتسع لحاجات الناس ومصالحهم" (٣).

وبانقراض عصر التابعين ودخول عصر تابعي التابعين وما تلاه من عصور الأئمة الأربعة المجتهدين؛ فقد برزت هذه المذاهب الفقهية والمدارس العلمية، والتي تميزت باجتماع همم الطلبة على نشرها، والعناية بتحريرها وضبط أصولها، وتدوين مسائلها.

وبهذا استقرَّت مناهج الأئمة الأربعة على أنها طرق للنظر والاستنباط في بحث أحكام النوازل والمستجدات؛ وذلك لاستيعابهم لسائر أساليب المتقدمين مما لا يسع أحدًا جاء بعدهم أن يحدث طرقًا تختلف كلية عما قرروه من أصول وقواعد (٤).


(١) إعلام الموقعين، لابن القيم، (١/ ٢١).
(٢) الموافقات، للشاطبي، (٣/ ٢٠٠).
(٣) خلاصة التشريع الإسلامي، لعبد الوهاب خلاف، دار القلم، الكويت، (ص ٤٠) بتصرف.
(٤) منهج استنباط أحكام النوازل الفقهية المعاصرة، د. مسفر القحطاني، (ص ٢٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>