للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول القديم هو المفتى به (١).

وبينوا حال خبر الآحاد مع عمل أهل المدينة؛ فما كان من الأخبار مطابقًا وموافقًا فقد تأكد الأمر بالعمل، وما كان مخالفًا فإن كان عملهم من طريق النقل تُرِكَ به الخبر، وإن كان إجماعهم اجتهادًا قُدِمَ الخبر عند الجمهور، وفيه خلاف بين المالكية.

وما لم يكن ثم عمل بخلاف ولا وفاق خبر الواحد؛ فالمصير إلى خبر الواحد ولا بد.

وفرَّق ابن القيم في عمل أهل المدينة بين حالين وعصرين، عصر الرسول والصحابة، وعصر من جاء بعدهم؛ فإن العمل بالمدينة كان بحسب من جاء من المفتين وتولى من العمال والولاة وعمل به المحتسبون (٢).

كما اعتبر مالك -رحمه الله- من أكثر الفقهاء مراعاة للمصالح المرسلة وأخذًا بها، حتى عُدَّتْ من أصوله التي انفرد بمزيد العناية بها، وبذلك ننتهي إلى أن أصول المذهب هي: الكتاب والسنة والإجماع والقياس والمصالح المرسلة.

ويلاحظ أنه رَدَّ إجماع أهل المدينة إلى دليل السنة.

وينسب إلى مالك -رحمه الله- تقديم القياس على الخبر الواحد، كما ذكر ذلك ابن القصار رحمه الله (٣) في مقدمته الأصولية (٤).

وعلى الصحيح فإنه يَعتبر قولَ الصحابي حجةً بشرط عدم المخالف، ويَعمل


(١) أدب الفتوى، لابن الصلاح، (ص ٩٠).
(٢) إعلام الموقعين، لابن القيم، (٢/ ٣٩٤).
(٣) أبو الحسن، علي بن عمر بن أحمد البغدادي القاضي، شيخ المالكية، المعروف بابن القصار، تفقه بأبي بكر الأبهري، كان أصوليًّا نظارًا ولي قضاء بغداد، وله كتاب في مسائل الخلاف كبير، توفي سنة ٣٩٨ هـ.
طبقات الفقهاء، للشيرازي، (ص ١٦٨)، والديباج المذهب، لابن فرحون (٢/ ١٠٠).
(٤) المقدمة الأصولية، لابن القصار، (ص ٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>