للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنص هو ما لا يحتمل إلا معنى واحدًا، "فلفظة الظاهر قد صارت مشتركة، فإن الظاهر في الفطر السليمة، واللسان العربي، والدين القيم، ولسان السلف، غير الظاهر في عرف كثير من المتأخرين" (١)، فالواجب في نصوص الوحي إجراؤها على ظاهرها المتبادر من كلام المتكلم، واعتقاد أن هذا المعنى هو مراد المتكلم، ونفيه يكون تكذيبًا للمتكلم، أو اتهامًا له بالعيِّ وعدم القدرة على البيان عما في نفسه، أو اتهامًا له بالغبن والتدليس، وعدم النصح للمكلَّف، وكل ذلك ممتنع في حق الله تعالى وحق رسوله الأمين - صلى الله عليه وسلم -.

ومراد المتكلم يُعْلَمُ إمَّا باستعماله اللفظ الذي يدلُّ بوضعه على المعنى المراد مع تخلية السياق عن أية قرينة تصرفه عن دلالته الظاهرة، أو بأن يصرِّح بإرادة المعنى المطلوب بيانه، أو أن يحتفَّ بكلامه من القرائن التي تدلُّ على مراده، وعلى هذا فصرف الكلام عن ظاهره المتبادر -من غير دليل يوجبه أو يبين مراد المتكلم- تحكمٌ غير مقبول سببه الجهل أو الهوى، ولا يسلم لهذا المتأول تأويله (٢) حتى يجيب على أمور أربعة:

أحدها: أن يبيِّن احتمال اللفظ لذلك المعنى الذي أورده من جهة اللغة.

الثاني: أن يبيِّن وجه تعيينه لهذا المعنى أنه المراد.

الثالث: أن يقيم الدليل الصارف للفظ عن حقيقته وظاهره؛ لأن الأصل عدمه، قال ابن الوزير -رحمه الله-: "من النقص في الدين ردُّ النصوص والظواهر، وردُّ حقائقها إلى المجاز من غير طريق قاطعة تدلُّ على ثبوت الموجب للتأويل. . . " (٣).


(١) المرجع السابق، (٣٣/ ١٧٥).
(٢) التأويل: "صرف اللفظ عن الاحتمال الظاهر إلى احتمال مرجوح؛ لاعتضاده بدليل يصير به أغلب على الظن من المعنى الذي دل عليه الظاهر" ا. هـ، روضة الناظر، لابن قدامة، (ص ١٧٨).
(٣) إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات إلى المذهب الحق من أصول التوحيد، لمحمد بن إبراهيم بن علي بن المرتضى ابن المفضل الحسني القاسمي المعروف بابن الوزير، دار الكتب العلمية، بيروت، ط ٢، ١٩٨٧ م، (ص ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>