للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويعلل بعض الباحثين ظهور هذا المصطلح في الشرق في هذا القرن ببعض الأسباب، منها:

١ - وجود التقسيمات الجغرافية التي فُرضت على بني البشر؛ إذ تعيش كل طائفة منهم في بقعة جغرافية محددة حيث لا يستطيع أي فرد أن ينتقل من البقعة التي يعيش فيها إلى بقعة أخرى إلا إذا سمحت له الدولة الثانية بذلك كأن تمنحه الجنسية ليصبح أحد مواطنيها، تجري عليه الحقوق والواجبات التي تجري على سكان البلد الأصليين.

٢ - فقدان كيان العدالة الممثل في الدولة الإسلامية، حيث يجب عليها أن تقيمه وتحافظ عليه داخل حدودها وخارجها وتمنع الظلم بأشكاله.

ولما ضعفت الدولة الإسلامية، وفقدت نفوذها بدأ هذا المصطلح في الظهور؛ مما يؤكد القول بأن مصطلح الأقلية ليس مصطلحًا إسلاميًّا؛ وإنما هو مصطلح سياسي جديد بدأ ظهوره واستعماله بشكل كبير في بداية العهد الاستعماري الحديث (١).

وأيًّا ما كان الأمر فقد استقرت دلالة هذا المصطلح في العصر الحديث على مجموع أمرين معًا، هما: القلة العددية لمجموعة ما تعيش في مجتمع أوسع، والتميز دون سائر ذلك المجتمع بخصوصيات أصيلة، وبغضِّ النظر عن اعتبارات أخرى.

ولقد وجد من الباحثين من يحاول أن يضيف إلى معنى هذا المصطلح ومغزاه أمورًا أخرى، كأن يشترط في هذه الأقلية أن تكون منظمة بشكل ما، أو أنها تعامل معاملة خاصة، أو أنها تتعرض للتذويب الثقافي، ونحو ذلك.

ومن أمثلة هذا المنحى في تعريف الأقلية: هي مجموعة بشرية تعيش بين مجموعة بشرية أكثر عددًا، وتختلف عنها في خاصية من الخاصيات تصبح نتيجتها أن تعامل معاملة مختلفة عن معاملة الأكثرية (٢).


(١) الأحكام السياسية للأقليات المسلمة، لسليمان توبولياك، (ص ٢٧ - ٢٨).
(٢) الأقليات الإسلامية في العالم اليوم، د. علي الكتاني، مكتبة المنار، مكة المكرمة، ط ١، ١٩٨٨ م، (ص ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>