للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو على خيارات إنسانية؛ التعددية فيها سنة من سنن الله (١).

فلا مجال في الإسلام إذن لوجود أقلية مضطهدة أو مسلوبة الحق في الحياة الكريمة في ظل وجود الأكثرية المسلمة أو الأمة المسلمة أو الدولة المسلمة؛ بل جاء الإسلام -حين جاء- ليقضي على مفاهيم التسلط والسيطرة التي سادت بين المجتمعات القديمة، فالرومان يحتكرون الشرف والسيادة للجنس الروماني، فلا يحق لرعاياهم أن يحكموا بالقانون الروماني، ولا يحق لهم أن يدينوا إلا بدين السادة الرومان، سواء كان الدين وثنيًّا أم كان نصرانيًّا، ولم تكن اليهودية التلمودية عن هذا المسلك ببعيد، حيث صبت جام الغضب على المسيح عيسى ابن مريم - صلى الله عليه وسلم -، وعلى حوارييه والذين آمنوا به من بعد واتبعوه.

أما الإسلام فقد جاء ليرفع شعار {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: ٢٥٦]، وليرعى القلَّة غير المسلمة من أهل الذمة في البلاد المفتوحة، ويحفظ لهم حقوقهم، ويصون لهم حرياتهم.

وعلى هذا فلا ينبغي أن يحمَّل مصطلح الأقلية في الفكر والاصطلاح الإسلامي أي معنى من معاني العنصرية أو القهر والاضطهاد للأقلية في المجتمع أو الدولة الإسلامية.

أما مصطلح الأقليات المسلمة، فإنه يعني: كل مجموعة مسلمة تعيش بين مجموعة أخرى لا تدين بالإسلام، ولما كان شأن غير السلمين إذا كثروا وسادوا أن يتسلطوا على المسلمين كما وقع ويقع، وكان شأن الأقليات أن تتضام وتتلاحم فيما بينها؛ فقد ذهب بعض الباحثين إلى تعريف الأقليات المسلمة بأنها: كل مجموعة بشرية تعيش بين مجموعة أكبر منها، وتختلف عنها في كونها تنتمي إلى الإسلام، وتحاول بكل جهدها الحفاظ عليه (٢).

وقد ذهب بعض الباحثين إلى اعتبار ضابط المعيار العددي فحسب لتحديد ما يطلق عليه أقلية إسلامية؛ إذ تعتبر الدول التي يزيد عدد المسلمين فيها عن ٥٠ % من


(١) الإسلام والأقليات الماضي والحاضر والمستقبل، د. محمد عمارة، (ص ٩، ١٠).
(٢) الأقليات الإسلامية في العالم اليوم، د. علي الكتاني، (ص ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>