للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي يعتمده المسلم مع الحربي لا يفيده تملك الزيادة الربوية، بل يفيده الرضا من الحربي الذي يحله من قيد الأمان ويعيد أموال الحربي إلى أصلها من الحل، فأخذ المسلم للزيادة حينئذٍ كالاستيلاء على الكلأ والمباحات.

والذي يدلُّ على أن مذهب الحنفية إباحة ذلك في أخذ المسلم، لا إعطائه؛ هو نصوص معتمَدَاتِ كتبهم، ومنها: ما قاله الكاساني: في "بدائع الصنائع":

"مال الحربي ليس بمعصوم، بل هو مباح في نفسه؛ إلا أن المسلم المستأمن مُنِعَ من تملكه من غير رضاه؛ لما فيه من الغدر والخيانة، فإذا بذله باختياره ورضاه فقد زال هذا المعنى، فكان الأخذ استيلاءً على مال مباح غير مملوك، وأنه مشروع مفيد للملك كالاستيلاء على الحطب والحشيش" (١).

فالخلاصة الواضحة أن مذهب الحنفية لا يصلح مستندًا لهذه الفتيا! (٢)

٥ - وأما الاستدلال بحديث: "أيما دار أو أرض قسمت في الجاهلية فهي على قسم الجاهلية" (٣):

وقياس المعاملة بالربا على قسمة الميراث التي خالفت حكم الإسلام؛ فالجواب عليه:

أنه يحتمل أن يكون المعنى: أن ما تم بين المشركين من عقود قبل الإسلام لا تنقض ولا يُتَعَرَّضُ لها، فهو خارج عن محل النزاع، ويدل على هذا الاحتمال حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعًا: "كُلُّ قَسْمٍ قُسِمَ في الجاهلية فهو على ما قُسِمَ، وكل قَسْمٍ أدركه الإسلام فهو على قَسْمِ الإسلامِ" (٤)، فهذه جملة استدلالات الحنفية، وهي ضعيفة كما تبين، لا


(١) بدائع الصنائع، للكاساني، (٥/ ١٩٢).
(٢) وقفات هادئة، د. صلاح الصاوي، (ص ٤٥ - ٤٨).
(٣) سبق تخريجه.
(٤) أخرجه أبو داود، كتاب الفرائض، باب: فيمن أسلم على ميراث، (٢٩١٤)، وابن ماجه، كتاب الرهون، =

<<  <  ج: ص:  >  >>