جرت العادة أن التجار إذا استأجروا مركبًا من حربي يدفعون له أجرته، ويدفعون أيضًا مالًا معلومًا لرجل حربي مقيم في بلاده، ويسمى ذلك المال (سوكرة) على أنه مهما هلك من المال الذي في المركب بحرق أو غرق أو نهب أو غيره، فذلك الرجل ضامن له بمقابلة ما يأخذه منهم، وله وكيل عنه مستأمَن في دار يقيم في بلاد السواحل الإسلامية بإذن السلطان يقبض من التجار مال (السوكرة)، وإذا هلك من مالهم في البحر شيء يؤدي ذلك المستأمَن للتجار بدله تمامًا".
ثم قال: "والذي يظهر لي أنه لا يحل للتاجر أخذ بدل الهالك من ماله؛ لأن هذا التزام ما لم يلزم. . . ".
ثم بعد مناقشةٍ جادَّةٍ لعدة أفكار حول هذا الموضوع قال: "فاغنمه فإنك لا تجده في غير هذا الكتاب" (١).
وقد ناقش ابن عابدين بعض الشبهات التي أثيرت، فقال:
"فإن قلتَ: إن المودع إذا أخذ أجرة على الوديعة يضمنها إذا هلكت؟
قلتُ: مسألتنا ليست من هذا القبيل؛ لأن المال ليس في يد صاحب السوكرة، بل في يد صاحب المركب، وإن كان صاحب السوكرة هو صاحب المركب يكون أجيرًا مشتركًا قد أخذ أجرة على الحفظ وعلى الحمل، وكل من المودع والأجير المشترك لا يضمن ما لا يمكن الاحتراز عنه كالموت والغرق، ونحو ذلك.
فإن قلتَ: سيأتي قبيل "باب كفالة الرجلين" قال لآخر: اسلك هذا الطريق فإنه آمن، فسلك وأخذ ماله، لم يضمن. ولو قال: إن كان مخوفًا وأخذ مالك فأنا ضامن، ضمن. وعلله الشارح هناك بأنه ضمن الغارُّ صفة السلامة للمغرور نصًّا، أي: بخلاف