وقد سئل أحمد عن آية البقرة {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ}[البقرة: ٢٢١]، فقال:"مشركات العرب الذين يعبدون الأصنام"(١)، وبالرغم من ذلك فقد نقل أهل مذهبه عنه حرمة نكاح غير الكتابية.
فعلم من مجموع ذلك أن الإجماع لم يخالف فيه أحد، وأن ما استنبطه الشيخ رشيد غير سديد.
ثانيًا: وأما قوله: الأصل في النكاح الحل:
فالجواب: أن قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}[النساء: ٢٤] يفيد بأن الأصل الحرمة لا الحل، وهو قول الجماهير، وأما أنه لا دليل على تحريم نكاحهن، فقد تقدم الإجماع على ذلك.
وهن داخلات في عموم قوله تعالى:{وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ}[البقرة: ٢٢١]، ولا مخصص لها إِلا آية المائدة، حيث أفادت حل اليهوديات والنصرانيات، دون غيرهن.
ثالثًا: وأما قوله: إن وثنيي الصين وغيرهم أهل كتب مشتملة على التوحيد.
فالجواب أن كونفوشيوس لم يكن نبيًّا، بل كان فليسوفًا مغرقًا في البحث والتأمل؛ ولذا فإن أتباعه لا يعتقدون بجنة ولا نار، ولا بالبعث أصلًا، وهذه الأمور من أصول الرسالات السماوية جمعاء، وذلك مما يعمق القول بأرضية أصولها.
ثم إن توحيدهم المزعوم هو نفسه توحيد مشركي العرب، الذين قال الله عنهم:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}[لقمان: ٢٥].
لقد أخبرنا سبحانه أنه أرسل لكل قوم هاديًا، ولكنه تعالى لم يعلمنا بأنه أنزل على