للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المستدعي للمقام معها في دار الحرب، وتعريض الولد على التخلق بأخلاق أهل الكفر، وعلى الرق بأن تُسبى وهي حبلى فيولد رقيقًا، وإن كان مسلمًا". اهـ.

فقوله: الأَولى ألَّا يُفعل يفيد أن الكراهة تنزيهية في غير الحربية، وما بعده يفيد كراهة التحريم في الحربية؛ فتأمَّل" (١)، وهو ما رجحه أبو بكر الرازي الحنفي، فقال: فينبغي أن يكون نكاح الحربيات محظورًا؛ لأن قوله تعالى: {يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: ٢٢] إنما يقع على أهل الحرب؛ لأنهم في حدٍّ غير حدنا (٢).

وهو قول القرطبي من المالكية (٣) وقوَّاه القاسمي (٤) وانتصر له طائفة من المعاصرين، منهم: ابن باديس وغيره من علماء الجزائر، ود. يوسف القرضاوي، وعبد المتعال الجابري.

قال الشيخ: أحمد بن محمد حماني (٥): "فإن كانت الكتابية لا تنالها أحكامنا لم يجز التزوج بها خشيةً على أولاد المسلمين من أن تغلب عليهم، ولهذا أفتى الشيخ عبد الحميد بن باديس (٦) -رحمة الله عليه- بحرمة تزوج المسلمين من الفرنسيات اليهوديات والنصرانيات؛ لأن القوانين الفرنسية تعتبر أولادهن فرنسيين متجنسين لا تنالهم أحكام الشريعة الإسلامية في الزواج والطلاق والإرث وغير ذلك" (٧).


(١) حاشية ابن عابدين، (٤/ ١٣٤).
(٢) أحكام القرآن، لأبي بكر الرازي الحنفي، (٣/ ٣٢٦).
(٣) تفسير القرطبي، (٣/ ٦٩).
(٤) محاسن التأويل، للقاسمي، (٦/ ١٨٧٢).
(٥) أحمد بن محمد بن مسعود حماني، من علماء الجزائر ولد ١٩١٥ م، تقلد منصب رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، كان مفتيًا للجزائر، توفي -رحمه الله- ١٩٩٨ م، ترجمته في فتاوي حماني، (٢/ ٦٠١ - ٦٠٢).
(٦) عبد الحميد بن محمد المصطفى بن باديس القسنطيني ترجع أصوله إلى المعز بن باديس مؤسسة الدولة الصنهاجية، توفي ١٩٤٠ م. نوابغ العرب، مجموعة من الباحثين دار العودة بيروت الجزء (١٤).
(٧) فتاوي الشيخ حماني، وزارة الشئون الدينية، الجزائر، ١٩٩٣ م، (٢/ ١٤٣). آثار ابن باديس، (٣/ ٣٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>