للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكل هذا مما لا يرضاه الإسلام؛ وهو نتيجة حتمية لزواج الرجال المسلمين من غير المسلمات، مع منع المسلمة من التزوج بغير المسلم.

وهذا الضرر هو الذي خافه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب حين بلغه أن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- تزوج -وهو بالمدائن- امرأة يهودية، فكتب إليه عمر مرة أخرى: أعزم عليك ألا تضع كتابي هذا حتى تخلي سبيلها، فإني أخاف أن يقتدي بك المسلمون، فيختاروا نساء أهل الذمة لجمالهن، وكفى بذلك فتنة لنساء المسلمين (١).

ومن ناحية أخرى يُخشى أن يتساهل بعض الناس في شرط الإحصان -العفاف- الذي قيد به القرآن حل الزوج منهن، حتى يتعاطوا زواج الفاجرات، والمومسات، وكلتاهما مفسدة ينبغي أن تمُنع قبل وقوعها؛ عملًا بسد الذرائع، ولعل هذا نفسه ما جعل عمر يعزم على طلحة ابن عبيد الله إلَّا طلَّقَ امرأة كتابية تزوجها، وكانت بنت عظيم يهود (٢).

٤ - وتشتد المصيبة حين يولد لهما أطفال، فهم يشبون -غالبًا- على ما تريد الأم، لا على ما يريد الأب إن كانت له إرادة، فهم أدنى إليها، وألصق بها، وأعمق تأثُّرًا بها، وخصوصًا إذا وُلدوا في أرضها وبين قومها، وهنا ينشأ هؤلاء الأولاد على دين الأم، وعلى احترام قيمها ومفاهيمها وتقاليدها، وحتى لو بقوا على دين الأب، فإنما يبقون عليه اسمًا وصورة، لا حقيقةً وفعلًا، ومعنى هذا أننا نخسر هؤلاء الناشئة دينيًا وقوميًّا إن لم نخسر أباءهم أيضًا.

ومن أجل هذه المفسدة، نرى كثيرًا من الدول تُحَرِّم على سفرائها وكذلك ضباط


(١) شريعة الإسلام خلودها وصلاحها للتطبيق في كل زمان ومكان، د. يوسف القرضاوي، (ص ٣٩).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، (٧/ ١٧٧)، وفي إسناده عامر بن عبد الرحمن بن نسطاس، وهو مجهول الحال.

<<  <  ج: ص:  >  >>