للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة وتحبيبهم بها، فلما علمت الأم بذلك أخبرت القاضي، الذي قام بإنذار الأب بحرمانه من زيارة أطفاله له، إذا حدَّثهم عن الإسلام أو الصلاة، أو حتى صلى إحدى الصلوات أمامهم، وهذا غيض من فيض مما يجري في بلاد الغرب، من حرب الإسلام وأهله والاعتداء على أبناء المسلمين لإبعادهم عن دينهم، ومنذ أيام قلائل اتصل بي أحد الأخوة، وأخبرني أن صديقًا له من المسلمين العرب توفي وله زوجة ألمانية، فأراد أهله وأصدقاؤه دفنه في مقبرة المسلمين، فرفضت زوجته وأصرَّت على أن يُدفن في مقابر النصارى، فذهب بعض الأخوة يترجونها للسماح بدفنه في مقابر المسلمين، فلم تَقبل ودُفن في مقابر النصارى، فالزوجة في القانون الألماني هي التي تأخذ هذا القرار، وليس لأهله أو أسرته حق في التدخل بهذا الشأن؛ لذلك يجب على المسلم أن لا يُقْدِمَ على الزواج من كتابية في بلاد الغرب، إلا إذا استوثق لعرضه ودينه ودين أولاده، وإلا فهو مضيِّع للأمانة التي حمَّلَهُ الله إياها، وسيُسأل عن ذلك يوم القيامة (١).

وبناءً عليه: فإن غلبة الظن حاصلة في زواج كهذا بعدم الاستقرار في هذا الزواج وضياع الذرية دينيًّا وتربويًّا.

ويقول الشيخ محمد رشيد رضا: "أحلَّ الله العفائف من أهل الكتاب، وهو جائز بالنص، وأنه لا يحرم إلا لسبب آخر يدخل في باب سدِّ الذرائع كأن يستلزم شيئًا من المفاسد المحرمة وأشدها أن يتبع الأولاد كلهم أو بعضهم الأمَ في دينها، إما بحكم قوانين تلك البلاد، وإما لكون المرأة أرقى من زوجها علمًا وعقلًا وتأثيرًا بحيث تغلبه على أولاده فتربيهم على دينها" (٢).


(١) أحكام الأحوال الشخصية للمسلمين في الغرب، د. سالم الرافعي، دار ابن حزم، بيروت، ط ١، ١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م، (ص ٤١٨ - ٤١٩).
(٢) الفتاوي، لمحمد رشيد رضا، دار الكتاب الجديد، بيروت، ط ١، ١٣٩٠ هـ، (٤/ ١٥٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>