للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول الشيخ شلتوت -رحمه الله-: "فإذا انسلخ الرجل المسلم عن حقه في القوامة وألقى بمقاليد نفسه وأسرته وأبنائه إلى زوجته الكتابية فتصرَّفت فيه وفي أبنائه بمقتضى عقيدتها وعاداتها، ووضع نفسه تحت رايتها ومشورتها؛ فإن ذلك نكسٌ للقضية وقلبٌ للحكمة التي أحل الله لأجلها التزويج بالكتابيات، فقد تُنشئهم على الكفر وعادات الشرك، مما لا يقره الإسلام ولا يرضاه، أو يعتبر الرضا به والسكوت عليه كفرًا أو خروجًا من الملة؛ فإن الإسلام يرى أن المسلم إذا شذَّ عن مركزه الطبيعي في الأسرة وألقى بمقاليد أمره بين يدي زوجته غير المسلمة وجب منعه من التزويج بها" (١).

فمثل هؤلاء ليسوا من المسلمين إلا في الجنسية السياسية ففتنتهم بالكفر أكبر من فتنتهم بالنساء (٢).

أدلة القائلين بالكراهة ومناقشتها من القرآن الكريم، والمعقول:

أولًا: القرآن الكريم:

قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: ٥].

وجه الدلالة:

الآية عامة في إباحة نساء أهل الكتاب للمسلمين، ولم تُفرق بين أن يكون الزواج بها في دار الإسلام، أو في دار الحرب، فاختلاف الدار لا أثر له في إباحة الزواج أو تحريمه.

"وظاهر الآية يقتضي جواز نكاح الجميع، الذميات والحربيات؛ لشمول الاسم لهن" (٣).

وقال القاسمي -رحمه الله-: "استدلَّ بعموم الآية من جَوَّزَ نكاح الحربيات الكتابيات" (٤).


(١) الفتاوي، دراسة لمشكلات المسلم المعاصر في حياته اليومية العامة، لمحمود شلتوت، دار الشروق، القاهرة، ط ١٨، ١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٤ م، (ص ٢٤٠).
(٢) تفسير المنار، لمحمد رشيد رضا، (٦/ ١٩٦).
(٣) أحكام القرآن، للجصاص، (٢/ ٣٢٦).
(٤) محاسن التأويل، للقاسمي، (٦/ ١٨٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>