للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، فدل على أن لفظة المشركين بإطلاقها غير متناولة لأهل الكتاب (١).

ويجاب:

بأن الله تعالى وصف أهل الكتاب بالشرك، فقال: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: ٣١] (٢).

ويرد على هذا الجواب:

بأن أهل الكتاب ليس في أصل دينهم شرك، فإن الله إنما بعث الرسل بالتوحيد، فكل من آمن بالرسل والكتب لم يكن في أصل دينهم شرك، ولكن النصارى ابتدعوا الشرك، كما قال سبحانه: {سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}، فحيث وصفهم بأنهم أشركوا فلأجل ما ابتدعوه من الشرك الذي لم يأمر الله به، ووجب تمييزهم عن المشركين؛ لأن أصل دينهم اتباع الكتب المنزلة التي جاءت بالتوحيد، لا بالشرك، كما أن الله سبحانه لم يخبر عن أهل الكتاب أنهم مشركون بالاسم، بل قال {عَمَّا يُشْرِكُونَ} بالفعل، وفي آية البقرة {الْمُشْرِكَاتِ} بالاسم، والاسم أوكد من الفعل (٣).

٢ - آية البقرة عامة في حرمة نكاح جميع المشركات، ويخصصها قوله سبحانه: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: ٥]، فتكون الأُولى مرتبة على الثانية؛ لأنه متى أمكننا استعمال الآيتين على معنى ترتيب العام على الخاص وجب استعمالهما (٤).

٣ - أو يقال: إن آية المائدة في حل نساء أهل الكتاب ناسخة لآية البقرة في تحريم المشركات؛ لأن


(١) تفسير القرطبي، (٣/ ٦٩)، المغني، لابن قدامة، (٩/ ٥٤٥ - ٥٤٦).
(٢) مجموع الفتاوي، لابن تيمية، (٣٢/ ١٧٩).
(٣) المرجع السابق، (٣٢/ ١٧٩).
(٤) أحكام القرآن، للجصاص، (٣/ ٣٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>