للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المائدة نزلت بعد البقرة باتفاق العلماء، والآية المتأخرة تنسخ الآية المتقدمة إذا تعارضتا (١).

وقوله تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠].

نوقش بأن:

١ - المقصود بالكوافر في الآية المشركات؛ فإن الآية نزلت في قصة الحديبية، ولم يكن للمسلمين زوجات من أهل الكتاب إذ ذاك (٢).

٢ - الآية عامة في كل كافرة، وتخصصها آية المائدة: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: ٥]، والخاص يجب تقديمه (٣).

الترجيح:

الراجح -والله أعلم- ما ذهب إليه الحنابلة من القول بحل نكاح الكتابيات، ولكنه خلاف الأَولى؛ لما يلي:

الآية الكريمة: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: ٥]، دلت على حل نكاحهن، ولفظ الحل هنا لا يدل على الكراهة، ولو كان لبينه الله سبحانه أو رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -، وإذا لم يَرِدْ فالأصل هو الجواز.

ولكن يقال بأن نكاح الكتابية خلافُ الأَولى؛ لما ذكره الفقهاء من الخشية على دين الأولاد، بل دين الزوج المسلم.

ولا يقال: إن ذلك كافٍ في القول بالكراهة؛ إذ يقابله مصلحة عظمى، وهو إسلام الكتابية المرجو باقتران المسلم بها، والمعروف أن المرأة تتبع دِينَ الرجل، على أن الكراهة إنما يصار إليها حين يوجد نص يدل عليها، أما ولم يوجد نص، فإن التعبير بمخالفة


(١) مجموع الفتاوي، لابن تيمية، (٣٢/ ١٨٠).
(٢) أحكام أهل الذمة، لابن القيم، (٢/ ٧٩٧).
(٣) المغني، لابن قدامة، (٩/ ٥٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>