للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (٢٩) قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٠) يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (٣١) وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٣٢)} (١) [الأحقاف/ ٢٩ - ٣٢].

فهذا يدلّ على تكليفهم من وجوه متعددة:

أحدها: أنَّ اللَّه سبحانه صرفهم إلى رسوله يستمعون القرآن، ليؤمنوا به، ويأتمروا بأوامره، وينتهوا عن نواهيه.

الثاني: أنَّهم ولَّوا إلى قومهم منذرين. والإنذار هو الإعلام بالمخوف (٢) بعد انعقاد أسبابه، فعلم أنَّهم منذرون لهم بالنَّار إن عصوا الرسول.

الثالث: أنَّهم أخبروا أنَّهم سمعوا القرآن، وعقلوه وفهموه، وأنَّه يهدي إلى الحقِّ. وهذا القول منهم يدل على أنَّهم عالمون بموسى وبالكتاب المنزّل (٣) عليه، وأنَّ القرآن مصدّق له، وأنَّه هادٍ إلى صراط مستقيم. وهذا يدل على تمكّنهم من العلم الذي تقوم به الحجة، وهم قادرون على امتثال ما فيه. والتكليف إنَّما يستلزم العلم والقدرة.

الرابع: أنَّهم قالوا لقومهم: {يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ}.


(١) اختصر في نقل الآيات في "ك، ط".
(٢) "ك، ط": "بالخوف".
(٣) "ف": "الذي أنزل"، خلاف الأصل.