للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا صريح في أنَّهم مكلَّفون مأمورون بإجابة الرسول، وهي تصديقه فيما أخبر، وطاعته فيما أمر.

الخامس: أنَّهم قالوا: {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ}. والمغفرة لا تكون إلا عن ذنب، وهو مخالفة الأمر.

السادس: أنَّهم قالوا: {مِنْ ذُنُوبِكُمْ}. والذنب: مخالفة الأمر.

السابع: أنَّهم قالوا: {وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (٣١)}. وهذا يدلّ على أنَّ من لم يستجب منهم لداعي اللَّه لم يُجِرْه من العذاب الأليم. وهذا صريح في تعلق الشريعة الإسلامية بهم.

الثامن: أنَّهم قالوا: {وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ}. وهذا تهديد شديد لمن تخلَّف عن إجابة داعي اللَّه منهم. وقد استدلّ بهذا (١) أنَّهم كانوا متعبدين بشريعة موسى، كما هم متعبَّدون بشريعة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-. وهذا ممكن، والآية لا تستلزمه، ولكن قوله تعالى: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ} الآية [الأنعام/ ١٣٠] يدلّ على أنَّ الجنّ كانوا متعبّدين بشرائع الرسل قبل محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، والآيات المتقدِّمة تدلّ على ذلك أيضًا. وعلى هذا فيكون اختصاص النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالبعثة إلى الثقلين هو اختصاصه بالبعثة إلى جميعهم لا إلى بعضهم، ومن قبله كان يبعث إلى طائفة مخصوصة.

وأيضًا فقد قال تعالى عن نبيّه سليمان: {وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ} [سبأ/ ١٢]. وهذا


(١) "ط": "بها على".